حياة فان جوخ بواسطة هنري بيروشوت. هنري بيروشوت - حياة فان جوخ هنري بيروشوت

الصفحة الرئيسية / الشجار

يا رب ، كنت على الجانب الآخر من الوجود وفي تفاهتي تمتعت بسلام لا نهاية له ؛ لقد تم إخراجي من هذه الحالة من أجل أن يتم دفعي إلى كرنفال غريب للحياة.

هولندا ليست مجرد حقل لا حدود له من زهور التوليب ، كما يعتقد الأجانب في كثير من الأحيان. الزهور ، متعة الحياة المتجسدة فيها ، المتعة الهادئة والملونة ، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا في أذهاننا بالتقاليد مع مناظر لطواحين الهواء والقنوات - كل هذا نموذجي للمناطق الساحلية ، المستصلحة جزئيًا من البحر ويرجع ذلك إلى ازدهارها في الموانئ الكبيرة. هذه المناطق - في الشمال والجنوب - هي هولندا الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك ، يوجد في هولندا تسع مقاطعات أخرى: لكل منها سحرها الخاص. لكن هذا السحر من نوع مختلف - في بعض الأحيان يكون أكثر قسوة: خلف حقول الزنبق ، تنتشر الأراضي الفقيرة والأماكن المقفرة.

من بين هذه المناطق ، ربما تكون أكثر المناطق فقرًا هي تلك التي تسمى شمال برابانت ، والتي تتكون من المروج والغابات المتضخمة بالخلنج ، والتي تمتد على طول الحدود البلجيكية ، والأراضي البور الرملية ، والمستنقعات والمستنقعات ، وهي مقاطعة مفصولة عن ألمانيا فقط بواسطة الشريط الضيق غير المستوي من ليمبورغ الذي يتدفق من خلاله نهر الميز. مدينتها الرئيسية هي 's-Hertogenbosch ، مسقط رأس هيرونيموس بوش ، فنان القرن الخامس عشر المعروف بخياله الغريب. التربة في هذه المقاطعة فقيرة ، مع وجود الكثير من الأراضي غير المزروعة. غالبا ما تمطر هنا. الضباب يتدلى منخفضا. الرطوبة تسود كل شيء وكل شيء. السكان هنا هم في الغالب من الفلاحين أو النساجين. تسمح لهم المروج المليئة بالرطوبة بتطوير تربية الماشية على نطاق واسع. في هذه الأرض المسطحة ذات التلال النادرة ، والأبقار السوداء والبيضاء في المروج وسلسلة من المستنقعات الباهتة ، يمكنك رؤية عربات مع فرق الكلاب على الطرق ، والتي يتم نقلها إلى المدن - بيرغن أوب زوم ، بريدا ، زيفينبيرجين ؛ أيندهوفن - علب حليب نحاسية.

غالبية سكان برابانت من الكاثوليك. اللوثريون لا يشكلون عُشر السكان المحليين. هذا هو السبب في أن الرعايا التي تديرها الكنيسة البروتستانتية هي الأكثر بؤسًا في هذه المنطقة.

في عام 1849 ، تم تعيين القس تيودور فان جوخ البالغ من العمر 27 عامًا في إحدى هذه الأبرشيات - جروت زاندرت ، وهي قرية صغيرة تقع على الحدود البلجيكية تمامًا ، على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترًا من روزندال ، حيث كانت دار الجمارك الهولندية تقع على طول طريق بروكسل-أمستردام. هذا الوصول لا يحسد عليه للغاية. لكن من الصعب على القس الشاب أن يأمل بشيء أفضل: فهو لا يمتلك قدرات رائعة أو بلاغة. إن خطبه الرتيبة للغاية خالية من الهروب ، فهي مجرد تمارين خطابية غير معقدة ، واختلافات مبتذلة في موضوعات مبتذلة. صحيح أنه يأخذ واجباته بجدية وأمانة لكنه يفتقر إلى الإلهام. ولا يمكن القول إنه تميز بإيمان جدي. إيمانه صادق وعميق ، لكن شغفه الحقيقي غريب عنها. بالمناسبة ، القس اللوثري تيودور فان جوخ هو مؤيد للبروتستانتية الليبرالية ، مركزها مدينة جرونينجن.

هذا الرجل غير الملحوظ ، الذي يؤدي واجبات الكاهن بدقة كاتب ، لا يخلو بأي حال من الأحوال من الجدارة. اللطف والهدوء والود والود - كل هذا مكتوب على وجهه ، طفولي قليلاً ، مضاء بنظرة ناعمة بارعة. في Zundert ، يقدر الكاثوليك والبروتستانت بنفس القدر لطفه واستجابته واستعداده المستمر للخدمة. يتمتع بنفس القدر من التصرف الجيد والمظهر الجيد ، إنه حقًا "القس المجيد" (de mooi domine) ، كما يُدعى بسهولة ، مع مسحة خفية من الازدراء من قبل أبناء الرعية.

ومع ذلك ، فإن المظهر العادي للقس تيودور فان جوخ ، الوجود المتواضع الذي أصبح نصيبه ، الحياة النباتية التي حُكم عليه بها بضعف قدرته الخاصة ، يمكن أن يسبب مفاجأة معينة - بعد كل شيء ، ينتمي القس Zundert ، إن لم يكن مشهورة ، إذن ، على أي حال ، لعائلة هولندية معروفة. يمكن أن يكون فخوراً بأصله النبيل ، شعار عائلته - فرع من ثلاث ورود. منذ القرن السادس عشر ، شغل ممثلو عائلة فان جوخ مناصب بارزة. في القرن السابع عشر ، كان أحد آل فان جوخ هو أمين صندوق الاتحاد الهولندي. سافر فان جوخ آخر ، كان أول من شغل منصب القنصل العام في البرازيل ، ثم أمين الصندوق في زيلاند ، إلى إنجلترا في عام 1660 كجزء من السفارة الهولندية لتحية الملك تشارلز الثاني فيما يتعلق بتتويجه. في وقت لاحق ، أصبح بعض من فان جوخ من رجال الكنيسة ، وانجذب البعض الآخر للحرف اليدوية أو تجارة الفن ، والبعض الآخر من خلال الخدمة العسكرية. كقاعدة عامة ، لقد برعوا في المجال الذي اختاروه. والد تيودور فان جوخ رجل مؤثر ، راعي مدينة بريدا الكبيرة ، وحتى قبل ذلك ، وبغض النظر عن الرعية التي كان مسؤولاً عنها ، فقد تم الإشادة به في كل مكان على "خدمته المثالية". وهو من نسل ثلاثة أجيال من مغازل الذهب. والده ، جد تيودور ، الذي اختار في البداية حرفة الغزال ، أصبح فيما بعد قارئًا ، ثم كاهنًا في كنيسة الدير في لاهاي. كان وريثه على يد عمه الأكبر ، الذي خدم في شبابه - توفي في بداية القرن - في الحرس الملكي السويسري في باريس وكان مولعًا بالنحت. أما بالنسبة للجيل الأخير من عائلة فان جوخ - وكان للكاهن بريدا أحد عشر طفلاً ، على الرغم من وفاة طفل واحد في سن الطفولة - فقد يكون المصير الذي لا يحسد عليه هو "القس المجيد" ، باستثناء أخواته الثلاث اللائي بقين في العمر. العذارى. تزوجت شقيقتان أخريان من الجنرالات. نجح شقيقه الأكبر يوهانس في تحقيق مهنة في الإدارة البحرية - نائب الأميرال جالون قاب قوسين أو أدنى. يدير إخوته الثلاثة الآخرون - هندريك وكورنيليوس مارينوس وفينسنت - تجارة فنية كبيرة. استقر كورنيليوس مارينوس في أمستردام ، ويحتفظ فينسنت بمعرض فني في لاهاي ، وهو الأكثر شهرة في المدينة ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشركة الباريسية Goupil ، المعروفة في جميع أنحاء العالم ولها فروع في كل مكان.

فان جوخ ، الذي يعيش في رخاء ، يكاد يصل دائمًا إلى الشيخوخة ، بالإضافة إلى تمتعهم جميعًا بصحة جيدة. يبدو أن كاهن بريدا يتحمل بسهولة عبء السنوات الستين التي قضاها. ومع ذلك ، يختلف القس تيودور بشكل سلبي عن أقاربه في هذا أيضًا. ومن الصعب أن نتخيل أنه سيكون قادرًا على إرضاء شغف السفر الذي يميز أقاربه ، إذا كان ذلك من سماته فقط. سافرت عائلة فان جوخ عن طيب خاطر إلى الخارج ، وحدث أن تزوج بعضهم من أجانب: كانت جدة القس تيودور فلمنكية من مدينة مالين.

في مايو 1851 ، بعد عامين من وصوله إلى جروت سونديرت ، قرر تيودور فان جوخ ، على عتبة عيد ميلاده الثلاثين ، أن يتزوج ، لكنه لم يرَ ضرورة للبحث عن زوجة خارج البلاد. تزوج من امرأة هولندية ولدت في لاهاي ، آنا كورنيليا كاربينثوس. وهي ابنة تجليد كتب في المحكمة ، وهي أيضًا من عائلة محترمة - ومن بين أسلافها أسقف أوتريخت. إحدى شقيقاتها متزوجة من فنسنت ، شقيق القس ثيودور ، الذي يبيع لوحات في لاهاي.

آنا كورنيليا ، التي تكبر زوجها بثلاث سنوات ، لا تشبهه تقريبًا. نعم ، وعائلتها جذور أقل قوة بكثير من زوجها. تعاني إحدى شقيقاتها من نوبات صرع ، مما يشير إلى وراثة عصبية شديدة ، والتي تصيب أيضًا آنا كورنيليا نفسها. وهي بطبيعتها لطيفة ومحبوبة ، وهي عرضة لنوبات غضب مفاجئة. مفعمة بالحيوية والطيبة ، غالبًا ما تكون قاسية ؛ نشطة ، لا تعرف الكلل ، لا تعرف الراحة ، فهي في نفس الوقت عنيدة للغاية. إنها امرأة فضوليّة وقابلة للتأثر ، وذات طابع مضطرب إلى حد ما ، تشعر - وهذه إحدى سماتها الملحوظة - بميل قوي نحو النوع الرسالي. تحب أن تكون صريحة وتكتب خطابات طويلة. "Ik maak wide een woordje klaar" - يمكنك غالبًا سماع هذه الكلمات منها: "دعني أذهب وأكتب بضعة أسطر." في أي لحظة ، قد تشعر فجأة بالرغبة في التقاط القلم.

الصفحة الحالية: 1 (يحتوي الكتاب الإجمالي على 7 صفحات)

هنري بيروشوت
حياة فان جوخ

لا في دي فان جوخ

* * *

الجزء الأول. شجرة التين القاحلة (1853-1880)

أولا الطفولة الصامتة

يا رب ، كنت على الجانب الآخر من الوجود وفي تفاهتي تمتعت بسلام لا نهاية له ؛ لقد تم إخراجي من هذه الحالة من أجل أن يتم دفعي إلى كرنفال غريب للحياة.

فاليري

هولندا ليست مجرد حقل لا حدود له من زهور التوليب ، كما يعتقد الأجانب في كثير من الأحيان. الزهور ، متعة الحياة المتجسدة فيها ، المتعة الهادئة والملونة ، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا في أذهاننا بالتقاليد مع مناظر لطواحين الهواء والقنوات - كل هذا نموذجي للمناطق الساحلية ، المستصلحة جزئيًا من البحر ويرجع ذلك إلى ازدهارها في الموانئ الكبيرة. هذه المناطق - في الشمال والجنوب - هي هولندا المناسبة. بالإضافة إلى ذلك ، يوجد في هولندا تسع مقاطعات أخرى: لكل منها سحرها الخاص. لكن هذا السحر من نوع مختلف - في بعض الأحيان يكون أكثر قسوة: وراء حقول الزنبق توجد أراض فقيرة ، أماكن مقفرة.

من بين هذه المناطق ، ربما تكون أكثر المناطق فقرًا هي تلك التي تسمى شمال برابانت ، والتي تتكون من سلسلة من المروج والغابات المتضخمة بالخلنج ، والتي تمتد على طول الحدود البلجيكية ، والأراضي البور الرملية ، والمستنقعات والمستنقعات ، وهي مقاطعة منفصلة عن ألمانيا فقط من خلال شريط ضيق غير مستوي من ليمبورغ يتدفق من خلاله نهر الميز. مدينتها الرئيسية هي 's-Hertogenbosch ، مسقط رأس هيرونيموس بوش ، فنان القرن الخامس عشر المعروف بخياله الغريب. التربة في هذه المقاطعة فقيرة ، مع وجود الكثير من الأراضي غير المزروعة. غالبا ما تمطر هنا. الضباب يتدلى منخفضا. الرطوبة تسود كل شيء وكل شيء. السكان هنا هم في الغالب من الفلاحين أو النساجين. تسمح لهم المروج المليئة بالرطوبة بتطوير تربية الماشية على نطاق واسع. في هذا البلد المنبسط مع تلال نادرة ، وأبقار سوداء وبيضاء في المروج وسلسلة مملة من المستنقعات ، يمكنك مشاهدة عربات مع فرق كلاب على الطرق التي يتم نقلها إلى المدن - بيرغن أوب زوم ، بريدا ، زيفينبيرجين ؛ أيندهوفن - علب حليب نحاسية.

غالبية سكان برابانت من الكاثوليك. اللوثريون لا يشكلون حتى عُشر السكان المحليين. هذا هو السبب في أن الرعايا التي تديرها الكنيسة البروتستانتية هي الأكثر بؤسًا في هذه المنطقة.

الزارع. (تقليد الدخن)

في عام 1849 ، تم تعيين القس تيودور فان جوخ البالغ من العمر 27 عامًا في إحدى هذه الأبرشيات - جروت زاندرت ، وهي قرية صغيرة تقع على الحدود البلجيكية تمامًا ، على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترًا من روزندال ، حيث يقع مكتب الجمارك الهولندي في طريق بروكسل-أمستردام. هذا الوصول لا يحسد عليه للغاية. لكن من الصعب على القس الشاب أن يأمل بشيء أفضل: فهو لا يمتلك قدرات رائعة أو بلاغة. إن خطبه الرتيبة للغاية خالية من الهروب ، فهي مجرد تمارين خطابية غير معقدة ، واختلافات مبتذلة في موضوعات مبتذلة. صحيح أنه يأخذ واجباته بجدية وأمانة لكنه يفتقر إلى الإلهام. ولا يمكن القول إنه تميز بإيمان جدي. إيمانه صادق وعميق ، لكن شغفه الحقيقي غريب عنها. بالمناسبة ، القس اللوثري تيودور فان جوخ هو مؤيد للبروتستانتية الليبرالية ، مركزها مدينة جرونينجن.

هيرونيموس بوش. تصوير شخصي

اختار والده ، جد تيودور ، في البداية حرفة الغزال ، وأصبح فيما بعد قارئًا ، ثم كاهنًا في كنيسة الدير في لاهاي. كان وريثه على يد عمه الأكبر ، الذي خدم في شبابه - توفي في بداية القرن - في الحرس الملكي السويسري في باريس وكان مولعًا بالنحت. أما بالنسبة للجيل الأخير من عائلة فان جوخ - وكان للكاهن المولود أحد عشر طفلاً ، على الرغم من وفاة طفل واحد في سن الطفولة - فقد يكون المصير الذي لا يحسد عليه قد وقع على "القس المجيد" ، باستثناء أخواته الثلاث ، اللائي بقين في السجن. العذارى العجائز. تزوجت شقيقتان أخريان من الجنرالات. نجح شقيقه الأكبر يوهانس في تحقيق مهنة في الإدارة البحرية - نائب الأميرال جالون قاب قوسين أو أدنى. يدير ثلاثة من إخوته الآخرين - هندريك وكورنيليوس مارينوس وفينسنت - تجارة كبيرة في الأعمال الفنية. استقر كورنيليوس مارينوس في أمستردام ، ويحتفظ فينسنت بمعرض فني في لاهاي ، وهو الأكثر شهرة في المدينة ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشركة الباريسية Goupil ، المعروفة في جميع أنحاء العالم ولها فروع في كل مكان.

ومن الصعب أن نتخيل أنه سيكون قادرًا على إرضاء شغف السفر الذي يميز أقاربه ، إذا كان ذلك من سماته فقط. سافرت عائلة فان جوخ عن طيب خاطر إلى الخارج ، وحدث أن تزوج بعضهم من أجانب: كانت جدة القس تيودور فلمنكية من مدينة مالين.

في مايو 1851 ، بعد عامين من وصوله إلى جروت-سندرت ، حمل تيودور فان جوخ على عتبة عيد ميلاده الثلاثين للزواج ، لكنه لم يرَ ضرورة للبحث عن زوجة خارج البلاد. تزوج من امرأة هولندية ولدت في لاهاي ، آنا كورنيليا كاربينثوس. وهي ابنة تجليد كتب في المحكمة ، وهي أيضًا من عائلة محترمة - ومن بين أسلافها أسقف أوتريخت. إحدى شقيقاتها متزوجة من شقيق القس ثيودور - فنسنت - الذي يبيع لوحات في لاهاي.

منزل القس في Zundert ، حيث دخلت آنا كورنيليا البالغة من العمر 32 عامًا كعشيقة ، هو مبنى من طابق واحد من الطوب. واجهته يذهب إلى أحد شوارع القرية - بشكل مستقيم تمامًا ، مثل جميع الشوارع الأخرى. ويواجه الجانب الآخر الحديقة ، حيث تنمو أشجار الفاكهة ، والتنوب ، والسنط ، وتنمو المينيونيت والليفكوي على طول المسارات. حول القرية حتى الأفق ، ضاع الخطوط العريضة الغامضة في السماء الرمادية ، وتمتد السهول الرملية التي لا نهاية لها. هنا وهناك غابة متناثرة من أشجار التنوب ، بساتين قاتمة مغطاة بالخلنج ، كوخ بسقف مطحلب ، نهر هادئ مع جسر مرمي فوقه ، بستان بلوط ، صفصاف مقطوع ، بركة مغطاة بالتموجات. حافة مستنقعات الخث تتنفس السلام. قد تعتقد أحيانًا أن الحياة توقفت هنا تمامًا. ثم فجأة ستمر امرأة في قبعة أو فلاح في قبعة ، وإلا فإن العقعق سوف يصرخ على سنط مقبرة عالية. الحياة هنا لا تثير أي صعوبات ، ولا تثير التساؤلات. تمر الأيام ، متشابهة دائمًا مع بعضها البعض. يبدو أن الحياة منذ الأزل قد وُضعت في إطار العادات والأعراف القديمة ووصايا الله وشرائعه. فليكن رتيبًا ومملًا ، لكنه موثوق. لا شيء سوف يهز هدوءها الميت.

صورة لوالد الفنان

* * *

مرت الأيام. اعتادت آنا كورنيليا على الحياة في Zundert.

كان راتب القس ، حسب منصبه ، متواضعا للغاية ، لكن الزوجين كانا قانعين بالقليل. في بعض الأحيان تمكنوا من مساعدة الآخرين. كانوا يعيشون في وئام جيد ، وغالبًا ما كانوا يزورون المرضى والفقراء معًا. الآن آنا كورنيليا تتوقع طفلًا. إذا ولد ولد ، فسيتم تسميته فينسنت.

وبالفعل ، في 30 مارس 1852 ، أنجبت آنا كورنيليا ولدًا. أطلقوا عليه اسم فنسنت.

فينسينت - مثل جده ، قس في بريدا ، مثل عم لاهاي ، مثل ذلك القريب البعيد الذي خدم في الحرس السويسري في باريس في القرن الثامن عشر. فينسنت تعني وينر. أتمنى أن يكون فخر العائلة وفرحها ، فنسنت فان جوخ!

لكن للأسف! مات الطفل بعد ستة أسابيع.

صورة لأم الفنان

فنسنت فان جوخ يبلغ من العمر 13 عامًا

كانت الأيام مليئة باليأس. في هذه الأرض الباهتة ، لا شيء يصرف الإنسان عن حزنه ، ولا يهدأ لوقت طويل. مر الربيع لكن الجرح لم يلتئم. السعادة بالفعل ، أن الصيف جلب الأمل إلى منزل القس الحزين: حملت آنا كورنيليا مرة أخرى. هل ستلد طفلاً آخر يخفف مظهره ويخفف آلامها الأمومية اليائسة؟ وهل سيكون صبيًا يمكنه أن يحل محل والدي ذلك فينسنت ، اللذين علقوا عليهما الكثير من الآمال؟ سر الولادة غامض.

الخريف الرمادي. ثم الشتاء الصقيع. تشرق الشمس ببطء فوق الأفق. كانون الثاني. شهر فبراير. الشمس أعلى في السماء. أخيرا - مارس. يجب أن يولد الطفل هذا الشهر ، بالضبط بعد عام واحد من ولادة أخيه ... 15 مارس. 20 مارس. يوم الاعتدال الربيعي. الشمس تدخل برج الحمل ، موطنها المفضل ، حسب المنجمين. 25 ، 26 ، 27 مارس ... 28 ، 29 ... 30 مارس 1853 ، سنة واحدة بالضبط - حتى اليوم - بعد ولادة الصغير فينسنت فان جوخ ، أنجبت آنا كورنيليا بأمان ابنها الثاني. تحقق حلمها.

وهذا الصبي ، في ذكرى الأول ، سوف يُدعى فينسنت! فنسنت ويليم.

وسيُدعى أيضًا: فنسنت فان جوخ.

* * *

تدريجيا امتلأ بيت القسيس بالأطفال. في عام 1855 ، أنجب فان جوخ ابنة ، آنا. في 1 مايو 1857 ، ولد صبي آخر. سمي على اسم والده ثيودور. بعد ثيو الصغير ، ظهرت فتاتان - إليزابيث هوبير وويلهيلمينا - وصبي واحد ، كورنيليوس ، أصغر نسل لهذه العائلة الكبيرة.

ودوى بيت القسيس ضحك الأطفال وبكاء ونقيق. كان على القس أكثر من مرة أن يدعو إلى النظام ، ويطلب الصمت من أجل التفكير في العظة التالية ، والتفكير في أفضل السبل لتفسير هذا المقطع أو ذاك من العهد القديم أو الجديد. وساد الصمت في المنزل المنخفض ، ولم يقطعه سوى الهمس الخانق من حين لآخر. الزخرفة البسيطة والضعيفة للمنزل ، كما في السابق ، كانت صارمة ، وكأنها تذكر باستمرار بوجود الله. لكن ، على الرغم من الفقر ، كان حقًا منزلًا ساكنًا. مع كل ظهوره ، ألهم فكرة الاستقرار ، وقوة الأخلاق السائدة ، وحرمة النظام القائم ، علاوة على ذلك ، نظام هولندي بحت ، عقلاني وواضح ودنيوي ، يشهد بنفس القدر على بعض صلابة ورصانة الحياة وضع.

من بين أطفال القس الستة ، احتاج طفل واحد فقط إلى إسكاته - فنسنت. قليل الكلام وكئيب ، نبذ إخوته وأخواته ، ولم يشارك في ألعابهم. تجول فينسنت بمفرده ، ينظر إلى النباتات والزهور ؛ في بعض الأحيان ، وهو يراقب حياة الحشرات ، يمتد على العشب بالقرب من النهر ، بحثًا عن الجداول أو أعشاش الطيور ، ونهب الغابات. حصل لنفسه على معشبة وعلب من الصفيح احتفظ فيها بمجموعات من الحشرات. كان يعرف أسماء - وأحيانًا لاتينية - لجميع الحشرات. تواصل فينسنت عن طيب خاطر مع الفلاحين والنساجين ، وسألهم كيف يعمل النول. لفترة طويلة كنت أشاهد النساء يغسلن الملابس على النهر. حتى الانغماس في الملاهي الطفولية ، اختار هنا الألعاب التي يمكنك التقاعد فيها. كان يحب نسج الخيوط الصوفية ، معجبًا بمزيج الألوان الزاهية وتباينها. 1
احتفظ ورثة الفنانة بعدة ضفائر صوفية مماثلة. وفقًا لـ Münsterberger ، فإن مجموعات الألوان الموجودة فيها هي سمة من سمات أعمال Van Gogh. - فيما يلي ، جميع الملاحظات التي لم يتم الإشارة إليها على وجه التحديد هي من قبل المؤلف.

كما أحب الرسم. في الثامنة من عمره ، أحضر فينسنت لوالدته رسمًا - صور عليها قطة صغيرة تتسلق شجرة تفاح في بستان. في نفس السنوات تقريبًا ، وقع بطريقة ما في مهنة جديدة - كان يحاول صنع فيل من طين الفخار. ولكن بمجرد أن لاحظ أنه كان مراقبًا ، قام على الفور بتسوية الشكل المصبوب. فقط مع مثل هذه الألعاب الصامتة كان الطفل الصغير يسلي نفسه. زار أكثر من مرة جدران المقبرة ، حيث دُفن شقيقه الأكبر فنسنت فان جوخ ، الذي كان يعرفه من والديه ، وهو الشخص الذي تم تسميته باسمه.

سيكون من دواعي سرور الإخوة والأخوات مرافقة فينسنت في مسيرته. لكنهم لم يجرؤوا على أن يطلبوا منه مثل هذه الخدمة. كانوا خائفين من شقيقهم المنفصل ، الذي يبدو ، بالمقارنة معهم ، رجلًا قويًا. من شخصه القرفصاء ، العظمي ، المحرج قليلاً ينضح بقوة جامحة. كان يخمن فيه شيئًا مزعجًا يؤثر على المظهر بالفعل. كان هناك بعض عدم التناسق في وجهه. أخفى الشعر الأشقر المحمر عدم استواء الجمجمة. الجبهة المنحدرة. حواجب كثيفة. وفي الشقوق الضيقة للعيون ، أحيانًا زرقاء ، وأحيانًا خضراء ، مع نظرة قاتمة حزينة ، اشتعلت نار قاتمة من وقت لآخر.

بالطبع ، بدا فينسنت مثل والدته أكثر من والده. أظهر مثلها عنادًا وعنادًا ، ووصل إلى العناد. لا هوادة فيه ، غير مطيع ، ذو طابع صعب ومتناقض ، اتبع نزواته الخاصة حصريًا. ما الذي كان يناضل من أجله؟ لم يكن أحد يعرف هذا ، وبالتأكيد أقله هو نفسه. كان مضطربًا ، مثل البركان ، يعلن نفسه أحيانًا بصوت خافت. كان من المستحيل الشك في أنه يحب عائلته ، لكن أي تافه ، أي تافه ، يمكن أن يسبب له نوبة من الغضب. أحبه الجميع. مدللين. اغفر له غريبة غريبة. علاوة على ذلك ، كان أول من تاب منهم. لكنه لم يكن لديه أي سيطرة على نفسه ، على هذه الدوافع التي لا تقهر التي طغت عليه فجأة. الأم ، إما من الحنان الزائد ، أو التعرف على نفسها في ابنها ، كانت تميل إلى تبرير مزاجه. في بعض الأحيان ، تقوم جدة ، زوجة القس المولود ، بزيارة Zundert. بمجرد أن أصبحت شاهدة على أحد تصرفات فينسنت الغريبة. دون أن تنبس ببنت شفة ، أمسكت بيد حفيدها ، وبعد أن عاملته بأصفاد ، أخرجته من الباب. لكن زوجة الابن اعتبرت أن الجدة الهذيان تجاوزت حقوقها. طوال اليوم لم تفتح شفتيها ، وأمر "القس المجيد" ، متمنياً أن ينسى الجميع الحادث ، بوضع بريتسكا صغيرة ودعت النساء للركوب على طول ممرات الغابة ، التي تحدها هيذر المزهرة. ساهمت نزهة مسائية عبر الغابة في المصالحة - فقد بددت روعة غروب الشمس استياء الشابة.

ومع ذلك ، فإن التصرف المثير للجدل لشاب فينسنت يتجلى ليس فقط في منزل الوالدين. عند دخوله مدرسة جماعية ، تعلم أولاً من أطفال الفلاحين ، وأبناء النساجين المحليين ، جميع أنواع اللعنات وسكبها بتهور ، بمجرد أن فقد أعصابه. لعدم رغبته في الخضوع لأي نظام ، أظهر مثل هذا السلوك الجامح وتصرف مع زملائه الطلاب بتحد لدرجة أن القس اضطر إلى إخراجه من المدرسة.

ثيودور فان جوخ شقيق الفنان

ومع ذلك ، تكمن براعم خفية وخجولة من الحنان والحساسية الودية في روح الصبي القاتم. بأي اجتهاد ، بأي حب ، رسم المتوحش الصغير الزهور ثم أعطى الرسومات لأصدقائه. نعم ، رسم. لقد رسمت كثيرا. الحيوانات. المناظر الطبيعية. إليكم رسمتان من رسوماته ، يعود تاريخهما إلى عام 1862 (كان عمره تسع سنوات): أحدهما يصور كلبًا والآخر يُظهر جسرًا. كما أنه قرأ الكتب ، قرأ بلا كلل ، دون تمييز ، يلتهم كل ما يراه عينيه.

وبصورة غير متوقعة ، أصبح مرتبطًا بشغف بأخيه ثيو ، الذي يصغره بأربع سنوات ، والذي أصبح رفيقه الدائم في المشي حول حي زاندرت في ساعات الفراغ النادرة التي تركتها لهم المربية ، والتي دعاها القس مؤخرًا لتربية الأطفال. . في هذه الأثناء ، لا يتشابه الأخوان على الإطلاق ، باستثناء أن كلاهما لهما نفس الشعر الأشقر والأحمر. من الواضح بالفعل أن ثيو ذهب إلى والده ، ورث تصرفه الوديع ومظهره الجميل. الهدوء ، الرقة ، نعومة ملامح الوجه ، هشاشة الإضافة ، هو تناقض غريب مع أخيه القوي الرجل الزاوي. في هذه الأثناء ، في العار الكئيب للأراضي والسهول ، كشف له شقيقه ألف سر. علمه أن يرى. شاهد الحشرات والأسماك والأشجار والعشب. زندرت نعسان. السهل اللامحدود كله مقيد بالنوم. ولكن بمجرد أن يتحدث "فينسنت" ، تعود الحياة إلى كل شيء ، وتنكشف روح الأشياء. سهل الصحراء مليء بالحياة السرية والاستبدادية. يبدو أن الطبيعة قد توقفت عن العمل ، ولكن يتم العمل فيها باستمرار ، ويتجدد شيء ما باستمرار وينضج. فجأة يأخذ الصفصاف المشذّب مظهرًا مأساويًا ، بجذوعه الملتوية والمعقدة. في الشتاء ، يحمون السهل من الذئاب ، التي يخيف عواءها الجائع نساء الفلاحات في الليل. يستمع ثيو لقصص أخيه ، ويذهب للصيد معه ويتفاجأ من فينسينت: في كل مرة تعض السمكة ، بدلاً من أن يكون سعيدًا ، يكون منزعجًا.

ولكن ، لقول الحقيقة ، كان فينسنت منزعجًا لأي سبب من الأسباب ، حيث وقع في حالة سجود حالمة ، لم يخرج منها إلا تحت تأثير الغضب ، أو غير متناسب تمامًا مع السبب الذي أدى إلى نشأته ، أو نوبات مفاجئة غير متوقعة ، لا يمكن تفسيرها. الحنان الذي قبله إخوة فينسنت وأخواته بخجل وحتى بتخوف.

حولها منظر فقير ، الفضاء اللامحدود ، الذي يفتح على النظرة إلى ما وراء السهل الممتد تحت السحب المنخفضة ؛ عالم غير مقسم من الرمادي الذي ابتلع الأرض والسماء. الأشجار الداكنة ، مستنقعات الخث السوداء ، الحزن المؤلم ، فقط في بعض الأحيان يخفف من الابتسامة الشاحبة للخلنج المزهرة. وفي منزل القس - موقد عائلي متواضع ، كرامة مقيدة في كل إيماءة ، صرامة وامتناع عن ممارسة الجنس ، كتب قاسية علمت أن مصير جميع الكائنات الحية محدد مسبقًا وأن جميع محاولات الإنقاذ تذهب سدى ، ورقة سوداء سميكة - كتاب الكتب ، مع الكلمات التي أتت من أعماق القرون ، والتي هي جوهر الكلمة ، والنظرة الثقيلة للرب الإله ، تراقب كل تحركاتك ، هذا الخلاف الأبدي مع القدير ، الذي يجب أن تطيعه ، ولكن ضد من أنت. تريد التمرد. وفي الداخل ، في الروح ، هناك الكثير من الأسئلة ، تتدفق ، لا تصب في الكلمات ، كل هذه المخاوف ، العواصف ، هذا القلق غير المعلن عنه والذي لا يمكن وصفه - الخوف من الحياة ، الشكوك الذاتية ، الدوافع ، الخلاف الداخلي ، شعور غامض بالذنب ، شعور غير واضح ، أنه يجب عليك استرداد شيء ما ...

بنى العقعق عشًا على سنط مقبرة عالية. ربما تجلس أحيانًا على قبر الصغير فنسنت فان جوخ.

* * *

عندما كان فينسنت في سنته الثانية عشرة ، قرر والده تسجيله في مدرسة داخلية. اختار مؤسسة تعليمية ، والتي احتفظ بها في Zevenbergen من قبل السيد Provili معينة.

Zevenbergen ، بلدة صغيرة ، تقع بين Rosendaal و Dordrecht ، بين المروج الواسعة. التقى فينسنت هنا بمناظر طبيعية مألوفة. في مؤسسة السيد Provili ، أصبح في البداية أكثر ليونة واجتماعية. لكن الطاعة لم تجعله تلميذاً لامعاً. لقد قرأ أكثر من ذي قبل ، بفضول متحمس لا يشبع امتد بالتساوي إلى كل شيء من الروايات إلى الكتب الفلسفية واللاهوتية. ومع ذلك ، فإن العلوم التي تدرس في مؤسسة السيد بروفيلي لم تثير نفس الاهتمام به.

أمضى فينسنت عامين في مدرسة Provili ، ثم عام ونصف في Tilburg ، حيث واصل تعليمه.

لقد جاء إلى Zundert فقط لقضاء العطلات. هنا فينسنت ، كما كان من قبل ، قرأ الكثير. أصبح أكثر ارتباطًا بثيو وأخذ معه دائمًا في نزهات طويلة. لم يضعف حبه للطبيعة على الإطلاق. كان يتجول في الحي بلا كلل ، ويغير اتجاهه ، وغالبًا ما يكون متجمدًا في مكانه ، وينظر حوله ، ومنغمسًا في تفكير عميق. هل حقا تغير كثيرا؟ لا يزال لديه نوبات من نوبات الغضب. نفس الحدة فيه ، نفس السرية. لا يتحمل آراء الآخرين ، فهو لا يجرؤ على الخروج إلى الشارع لفترة طويلة. صداع وتشنجات في المعدة تلقي بظلالها على فترة المراهقة. يتشاجر باستمرار مع والديه. كم مرة ، عندما يذهب القس وزوجته لزيارة رجل مريض ، يتوقفان في مكان ما على طريق مهجور ويبدآن الحديث عن ابنهما الأكبر ، منزعجين من سلوكه المتغير وطابعه الذي لا ينضب. إنهم قلقون بشأن كيفية تحول مستقبله.

في هذه الأجزاء ، حيث حتى الكاثوليك لم يفلتوا من تأثير المذهب الكالفيني ، اعتاد الناس على أخذ كل شيء على محمل الجد. الترفيه نادر هنا ، الغرور ممنوع ، أي متعة مشبوهة. لا يتم كسر مسار الأيام المُقاس إلا من خلال عطلات عائلية نادرة. ولكن كيف ضبطت فرحتهم! فرحة الحياة لا تتجلى في أي شيء. أدى ضبط النفس هذا إلى ولادة طبيعة قوية ، لكنه عاد أيضًا إلى فترات استراحة قوى الروح التي في يوم من الأيام ، عندما انفجرت ، كانت قادرة على إطلاق العنان لعاصفة. ربما يفتقر فينسنت إلى الجدية؟ أم أنه على العكس من ذلك جاد جدا؟ عند رؤية الطبيعة الغريبة لابنه ، ربما تساءل الأب عما إذا كان فينسنت يتمتع بجدية مفرطة ، إذا كان يأخذ كل شيء قريبًا جدًا من قلبه - كل تافه ، كل إيماءة ، كل ملاحظة يلقيها شخص ما ، كل كلمة في كل كتاب هو اقرأ. الطموح العاطفي ، التعطش إلى المطلق ، المتأصل في هذا الابن المتمرد ، يربك الأب. حتى نوبات غضبه وتلك هي نتيجة صراحة خطيرة. كيف يفي بواجبه في هذه الحياة ، ابنه الحبيب ، الذي تجذب الغرابة الناس وتزعجهم في نفس الوقت؟ كيف يمكن أن يصبح رجلاً - رزينًا ، محترمًا من قبل الجميع ، ولن يفقد كرامته ، ويمجد عائلته بمهارة في ممارسة الأعمال؟

تمامًا مثل هذا ، سيعود فينسينت من نزهة على الأقدام. يمشي ورأسه منحني. التراخي. قبعة من القش تغطي شعرها القصير تحجب وجهًا لم يعد فيه أي شيء شبابي. جبينه مجعد بتجاعيد مبكرة فوق حواجبه المجعدة. إنه غير جذاب ، أخرق ، قبيح تقريبا. ومع ذلك ... ومع ذلك ، فإن هذا الشاب الكئيب ينضح بعظمة غريبة: "لديه حياة داخلية عميقة" 2
إليزابيث هوبرتا دو كويسن ، فان جوخ: شخصيات تذكارية.

ما الذي سيحققه في حياته؟ وفوق كل شيء ، من يود أن يصبح؟

لم يكن يعرف هذا. لم يظهر أي ميل نحو مهنة أو أخرى. عمل؟ نعم ، عليك أن تعمل ، هذا كل شيء. العمل شرط ضروري لوجود الإنسان. سيجد في عائلته مجموعة من التقاليد القوية. سوف يسير على خطى والده ، وسيفعل أعمامه مثل أي شخص آخر.

والد فنسنت كاهن. نجح ثلاثة من إخوة والدي في بيع الأعمال الفنية. يعرف فينسنت عمه الذي يحمل الاسم نفسه جيدًا ، فنسنت ، أو العم سانت ، كما يسميه أطفاله ، تاجر فنون لاهاي الذي يعيش الآن ، بعد تقاعده ، في برينسنهاغ ، بالقرب من مدينة بريدا. في النهاية ، قرر بيع معرضه الفني لشركة Goupil الباريسية ، التي تحولت بفضل هذا إلى فرع لاهاي لهذه الشركة ، والتي وسعت نفوذها ليشمل كلا نصفي الكرة الأرضية - من بروكسل إلى برلين ، ومن لندن إلى نيويورك. . في برينسنهاغ ، يعيش العم القديس في فيلا مفروشة بشكل فاخر ، حيث نقل أفضل لوحاته. مرة أو مرتين ، أخذ القس ، بلا شك ، معجبًا جدًا بالأخ ، أطفاله إلى برينسنهاغ. وقف فينسنت لفترة طويلة ، كما لو كان مفتونًا ، أمام اللوحات ، أمام العالم السحري الجديد الذي انكشف له لأول مرة ، أمام هذه الصورة للطبيعة ، مختلفة قليلاً عنها ، أمام هذا الواقع ، المستعير من الواقع ، ولكنه موجود بشكل مستقل عنه ، أمام هذا العالم الجميل والمنظم والمشرق حيث يتم الكشف عن الروح الخفية للأشياء بواسطة قوة العين المتطورة واليد الماهرة. لا أحد يعرف ما الذي كان يفكر فيه فينسنت حينها ، ما إذا كان يعتقد أن القسوة الكالفينية التي رافقت طفولته لم تتلاءم جيدًا مع هذا العالم المبهر الجديد ، لذلك على عكس المناظر الطبيعية لسوء زندرت ، وما إذا كانت شكوك أخلاقية غامضة تصطدم في روحه بالجمال الحسي. فن؟

لم تصلنا كلمة واحدة حول هذا الموضوع. ليست عبارة واحدة. لا تلميح واحد.

في هذه الأثناء ، كان فينسنت يبلغ من العمر ستة عشر عامًا. كان من الضروري تحديد مستقبلها. دعا القس تيودور مجلس العائلة. وعندما تحدث العم سانت ، داعيًا ابن أخيه ليتبع خطواته ، وحقق نجاحًا باهرًا ، مثله ، على هذا الطريق ، أدرك الجميع أنه لن يكون من الصعب على العم سانت أن يسهل خطوات الشاب الأولى - سوف يمنح فينسنت توصية للسيد تيرسته ، مدير فرع لاهاي لشركة "Goupil". قبل فينسنت عرض عمه.

سيكون فينسنت تاجر القطع الفنية.

حياة فان جوخ بواسطة هنري بيروشوت

(لا يوجد تقييم)

العنوان: حياة فان جوخ

حول حياة فان جوخ هنري بيروشوت

كتاب "حياة فان جوخ" هو وصف مثير للاهتمام للحياة والعمل الإبداعي للرسام ما بعد الانطباعي البارز فينسينت فان جوخ ، الذي كان لعمله أهمية كبيرة لاتجاه الرسم في القرن العشرين.

مؤلف هذا العمل هو الكاتب الفرنسي Henri Perruchot ، الذي خرج من قلمه العديد من الدراسات التي تجمع بين الحقائق الموثوقة من حياة الرسامين المشهورين جنبًا إلى جنب مع الحيوية الخيالية للقصة.

يعرض عمل "حياة فان جوخ" العديد من الحقائق المحددة من حياة الفنان: أحداث طفولته ، خلفية ولادته ، فضلاً عن تأثير الأحداث الحياتية المختلفة على تطلعاته وآرائه الإبداعية.

يتتبع Henri Perruchot في كتابه: أصل وتشكيل وتطور وإنجاز ذروة النشاط الإبداعي لـ Vincent van Gogh. يتم تسهيل موثوقية الوصف من خلال استخدام المؤلف لوثائق فريدة ورسائل الفنان وكذلك مذكرات معاصريه.

تستند حبكة عمل "Van Gogh's Life" إلى الكشف التدريجي عن كل تلك الجوانب التي تشكل حياة الفنان الشهير ، المليئة بالتناقضات والمعاناة والشكوك والتجارب ، فضلاً عن عمليات البحث الصعبة عن هدف حياته. ، والتي يمكن أن يفيد بها الناس.

في بداية الكتاب ، وصفت عائلة فنسنت فان جوخ: والديه وإخوانه وأخواته ، حبهم له ، وكذلك المساعدة التي لا تقدر بثمن من شقيق الفنان الشهير ثيو ، الذي يدعمه طوال حياته . وصف رحلات فان جوخ ، الذي تحدث عنها بشكل ملون في رسائله إلى شقيقه ثيو.

العديد من اللوحات التي رسمها الفنان ، والتي أعجب بها العديد من محبي الفن ، تنقل رؤيته للعالم من حوله ، والتي بالرغم من كل الصعوبات والفقر والحالة الداخلية المتناقضة ، كان هناك أيضًا مساحة كبيرة للفرح والسعادة ، قدمها فرصة للخلق.

في حياة فنسنت فان جوخ ، التي كانت مختلفة تمامًا عن حياة الشخص العادي ، نظرًا لأن معناها كان إنشاء أعمال فنية ومساعدة المعاناة والمحتاجين ، كان لا يزال هناك وقت كان فيه للفنان فرصة للاختبار نفسه كمدرس وحتى بائع كتب. على الرغم من أعماله العديدة ، التي لم يقبلها العالم إلا بعد وفاة هذا السيد العظيم ، كان عليه أن يعيش حياة سيئة للغاية. عاش هذا الرجل العظيم حياة قصيرة إلى حد ما ، وانقطعت عن عمر يناهز السابعة والثلاثين.

يترك كتاب "The Life of Van Gogh" انطباعًا قويًا جدًا من خلال الدراما ويثير استجابة روحية من القارئ.

ولد هنري بيروتشوت عام 1917. بفضل أنشطة الكاتب ، على صفحات كتبه ، جنبًا إلى جنب مع أبطالها ، ظهرت عصور تاريخية كاملة في ثقافة فرنسا. من كتب المؤلف: "حياة سيزان" ، "حياة غوغان" ، "حياة رينوار" ، "حياة مانيه" وغيرها.

هنري بيروشوت

حياة فان جوخ

الجزء الأول. شجرة التين برميل

أولا: الطفولة الصامتة

منزل القس في Zundert ، حيث دخلت آنا كورنيليا البالغة من العمر 32 عامًا كعشيقة ، هو مبنى من طابق واحد من الطوب. واجهته يذهب إلى أحد شوارع القرية - بشكل مستقيم تمامًا ، مثل جميع الشوارع الأخرى. ويواجه الجانب الآخر الحديقة ، حيث تنمو أشجار الفاكهة ، وأشجار التنوب ، والسنط ، وتنمو المينيونيت والليفكوي على طول المسارات. حول القرية حتى الأفق ، ضاع الخطوط العريضة الغامضة في السماء الرمادية ، وتمتد السهول الرملية التي لا نهاية لها. هنا وهناك غابة راتينجية هزيلة ، صحراء قاتمة ممتلئة بالخلنج ، كوخ بسقف مطحلب ، نهر هادئ مع جسر مرمي فوقه ، بستان بلوط ، صفصاف مشذب ، بركة مغطاة بالتموجات. حافة مستنقعات الخث تتنفس السلام. قد تعتقد أحيانًا أن الحياة توقفت هنا تمامًا. ثم فجأة ستمر امرأة في قبعة أو فلاح في قبعة ، وإلا فإن العقعق سوف يصرخ على سنط مقبرة عالية. الحياة هنا لا تثير أي صعوبات ، ولا تثير التساؤلات. تمر الأيام ، متشابهة دائمًا مع بعضها البعض. يبدو أن الحياة منذ الأزل قد وُضعت في إطار العادات والأعراف القديمة ووصايا الله وشرائعه. فليكن رتيبًا ومملًا ، لكنه موثوق. لا شيء سوف يهز هدوءها الميت.

مرت الأيام. اعتادت آنا كورنيليا على الحياة في Zundert.

وبالفعل ، في 30 مارس 1852 ، أنجبت آنا كورنيليا ولدًا. أطلقوا عليه اسم فنسنت.

لكن للأسف! مات الطفل بعد ستة أسابيع.

الخريف الرمادي. ثم الشتاء الصقيع. تشرق الشمس ببطء فوق الأفق. كانون الثاني. شهر فبراير. الشمس أعلى في السماء. أخيرا - مارس. يجب أن يولد الطفل هذا الشهر ، بالضبط بعد عام واحد من ولادة أخيه ... 15 مارس. 20 مارس. يوم الاعتدال الربيعي. الشمس تدخل برج الحمل ، موطنها المفضل ، حسب المنجمين. 25 ، 26 ، 27 مارس ... 28 ، 29 ... 30 مارس 1853 ، بعد عام بالضبط - حتى اليوم - بعد ولادة الصغير فينسنت فان جوخ ، أنجبت آنا كورنيليا بأمان ابنها الثاني. تحقق حلمها.

وهذا الصبي ، في ذكرى الأول ، سوف يُدعى فينسنت! فنسنت ويليم.

وسيُدعى أيضًا: فنسنت فان جوخ.

ودوى بيت القسيس ضحك الأطفال وبكاء ونقيق. كان على القس أكثر من مرة أن يدعو إلى النظام ، ويطلب الصمت من أجل التفكير في العظة التالية ، والتفكير في أفضل السبل لتفسير هذا المقطع أو ذاك من العهد القديم أو الجديد. وساد الصمت في المنزل المنخفض ، ولم يقطعه سوى الهمس الخانق من حين لآخر. الزخرفة البسيطة والضعيفة للمنزل ، كما في السابق ، كانت صارمة ، وكأنها تذكر باستمرار بوجود الله. لكن ، على الرغم من الفقر ، كان حقًا منزلًا ساكنًا. مع كل مظهره ، ألهم فكرة الاستقرار ، وقوة الأعراف السائدة ، وحرمة النظام القائم ، علاوة على ذلك ، نظام هولندي بحت ، عقلاني وواضح ودنيوي ، يشهد بنفس القدر على بعض صلابة ورصانة الحياة وضع.

من بين أطفال القس الستة ، واحد فقط لم يكن بحاجة إلى إسكاته - فنسنت. قليل الكلام وكئيب ، نبذ إخوته وأخواته ، ولم يشارك في ألعابهم. تجول فينسنت بمفرده ، ينظر إلى النباتات والزهور ؛ في بعض الأحيان ، وهو يراقب حياة الحشرات ، يمتد على العشب بالقرب من النهر ، بحثًا عن الجداول أو أعشاش الطيور ، ونهب الغابات. حصل لنفسه على معشبة وعلب من الصفيح احتفظ فيها بمجموعات من الحشرات. كان يعرف كل الأسماء - وأحيانًا الأسماء اللاتينية - لجميع الحشرات. تواصل فينسنت عن طيب خاطر مع الفلاحين والنساجين ، وسألهم كيف يعمل النول. لفترة طويلة كنت أشاهد النساء يغسلن الملابس على النهر. حتى الانغماس في الملاهي الطفولية ، اختار هنا الألعاب التي يمكنك التقاعد فيها. كان يحب نسج الخيوط الصوفية ، معجبًا بمزيج الألوان الزاهية وتباينها. كما أحب الرسم. ثماني سنوات ، أحضر فينسنت لوالدته رسمًا - صور عليها قطة صغيرة تتسلق شجرة تفاح في الحديقة. في نفس السنوات تقريبًا ، وقع بطريقة ما في مهنة جديدة - كان يحاول تشكيل فيل من طين الفخار. ولكن بمجرد أن لاحظ أنه كان مراقبًا ، قام على الفور بتسوية الشكل المصبوب. فقط مع مثل هذه الألعاب الصامتة كان الطفل الصغير يسلي نفسه. زار أكثر من مرة جدران المقبرة ، حيث دُفن شقيقه الأكبر فنسنت فان جوخ ، الذي كان يعرفه من والديه ، وهو الشخص الذي تم تسميته باسمه.

بالطبع ، بدا فينسنت مثل والدته أكثر من والده. أظهر مثلها عنادًا وعنادًا ، ووصل إلى العناد. لا هوادة فيه ، غير مطيع ، ذو طابع صعب ومتناقض ، اتبع نزواته الخاصة حصريًا. ما الذي كان يناضل من أجله؟ لم يكن أحد يعرف هذا ، وبالتأكيد أقله هو نفسه. كان مضطربًا ، مثل البركان ، يعلن نفسه أحيانًا بصوت خافت. كان من المستحيل الشك في أنه يحب عائلته ، لكن أي تافه ، أي تافه ، يمكن أن يسبب له نوبة من الغضب. أحبه الجميع. مدللين. اغفر له غريبة غريبة. علاوة على ذلك ، كان أول من تاب منهم. لكنه لم يكن لديه أي سيطرة على نفسه ، على هذه الدوافع التي لا تقهر التي طغت عليه فجأة. الأم ، إما من الحنان الزائد ، أو التعرف على نفسها في ابنها ، كانت تميل إلى تبرير مزاجه. في بعض الأحيان جاءت الجدة إلى Zundert - زوجة القس المولود. بمجرد أن أصبحت شاهدة على أحد تصرفات فينسنت الغريبة. دون أن تنبس ببنت شفة ، أمسكت بيد حفيدها ، وبعد أن عاملته بأصفاد ، أخرجته من الباب. لكن زوجة الابن اعتبرت أن الجدة الهذيان تجاوزت حقوقها. طوال اليوم لم تفتح شفتيها ، وأمر "القس المجيد" ، متمنياً أن ينسى الجميع الحادث ، بوضع بريتسكا صغيرة ودعت النساء للركوب على طول ممرات الغابة ، التي تحدها هيذر المزهرة. ساهمت نزهة مسائية عبر الغابة في المصالحة - فقد بددت روعة غروب الشمس استياء الشابة.

بنى العقعق عشًا على سنط مقبرة عالية. ربما تجلس أحيانًا على قبر الصغير فنسنت فان جوخ.

Zevenbergen ، بلدة صغيرة ، تقع بين Rosendaal و Dordrecht ، بين المروج الواسعة. التقى فينسنت هنا بمناظر طبيعية مألوفة. في مؤسسة السيد Provili ، أصبح في البداية أكثر ليونة واجتماعية. لكن الطاعة لم تجعله تلميذاً لامعاً. لقد قرأ أكثر من ذي قبل ، بفضول حار لا يشبع ، ينتشر بالتساوي في كل شيء - من الروايات إلى الكتب الفلسفية واللاهوتية. ومع ذلك ، فإن العلوم التي تدرس في مؤسسة السيد بروفيلي لم تثير نفس الاهتمام به.

أمضى فينسنت عامين في مدرسة Provili ، ثم عام ونصف في Tilburg ، حيث واصل تعليمه.

تمامًا مثل هذا ، سيعود فينسينت من نزهة على الأقدام. يمشي ورأسه منحني. التراخي. قبعة من القش تغطي شعرها القصير تحجب وجهًا لم يعد فيه أي شيء شبابي. جبينه مجعد بتجاعيد مبكرة فوق حواجبه المجعدة. إنه غير جذاب ، أخرق ، قبيح تقريبا. ومع ذلك ... ومع ذلك ، فإن هذا الشاب الكئيب ينضح بنوع من العظمة: "تخمن فيه حياة داخلية عميقة". ما الذي سيحققه في حياته؟ وفوق كل شيء ، من يود أن يصبح؟

والد فنسنت كاهن. نجح ثلاثة من إخوة والدي في بيع الأعمال الفنية. يعرف فينسنت عمه والذي يحمل الاسم نفسه جيدًا - فنسنت ، أو العم سانت ، كما يسميه أطفاله - تاجر فنون من لاهاي يعيش الآن ، بعد تقاعده ، في برينسنهاغ ، بالقرب من مدينة بريدا. في النهاية ، قرر بيع معرضه الفني لشركة Goupil الباريسية ، التي تحولت بفضل هذا إلى فرع لاهاي لهذه الشركة ، والتي وسعت نفوذها ليشمل كلا نصفي الكرة الأرضية - من بروكسل إلى برلين ، ومن لندن إلى نيويورك. . في برينسنهاغ ، يعيش العم القديس في فيلا مفروشة بشكل فاخر ، حيث نقل أفضل لوحاته. مرة أو مرتين ، أخذ القس ، بلا شك ، معجبًا جدًا بالأخ ، أطفاله إلى برينسنهاغ. وقف فينسنت لفترة طويلة ، كما لو كان مفتونًا ، أمام اللوحات ، أمام العالم السحري الجديد الذي انكشف له لأول مرة ، أمام هذه الصورة للطبيعة ، مختلفة قليلاً عنها ، أمام هذا الواقع ، المستعير من الواقع ، ولكنه موجود بشكل مستقل عنه ، أمام هذا العالم الجميل والمنظم والمشرق حيث يتم الكشف عن الروح الخفية للأشياء بواسطة قوة العين المتطورة واليد الماهرة. لا أحد يعرف ما الذي كان يفكر فيه فينسنت حينها ، ما إذا كان يعتقد أن القسوة الكالفينية التي رافقت طفولته لم تتلاءم جيدًا مع هذا العالم المبهر الجديد ، لذلك على عكس المناظر الطبيعية لسوء زندرت ، وما إذا كانت شكوك أخلاقية غامضة تصطدم في روحه بالجمال الحسي. فن؟

لم تصلنا كلمة واحدة حول هذا الموضوع. ليست عبارة واحدة. لا تلميح واحد.

في هذه الأثناء ، كان فينسنت يبلغ من العمر ستة عشر عامًا. كان من الضروري تحديد مستقبلها. دعا القس تيودور مجلس العائلة. وعندما تحدث العم سانت داعياً ابن أخيه ليتبع خطاه وحقق مثله نجاحًا باهرًا في هذا الطريق ، أدرك الجميع أنه لن يكون من الصعب على العم تسهيل خطوات الشاب الأولى - سيقدم فينسنت توصية إلى السيد تيرسته ، مدير فرع لاهاي لشركة "Goupil". قبل فينسنت عرض عمه.

سيكون فينسنت تاجر القطع الفنية.

ثانيًا. ضوء الفجر

السماء فوق السطح زرقاء هادئة ...

نعم ، سيكون فينسنت مثل أي شخص آخر.

الرسائل التي أرسلها السيد Tersteh إلى Zundert أخيرًا طمأنت فان جوخ حول مصير ابنهم الأكبر. كان قلقهم عبثًا: بمجرد أن وقف فينسنت على قدميه ، أدرك ما كان متوقعًا منه. يعمل فينسنت بجد ، وضمير حي ، ومرتب ، وهو موظف نموذجي. وشيء آخر: على الرغم من زاويته ، فإنه يطوي ويكشف ببراعة اللوحات القماشية. إنه يعرف كل اللوحات والنسخ والنقوش والنقوش في المتجر ، وذاكرة ممتازة ، جنبًا إلى جنب مع الأيدي الماهرة ، تعده بلا شك بمهنة أكيدة في مجال التجارة.

إنه مختلف تمامًا عن الموظفين الآخرين: يحاول إرضاء العملاء ، في نفس الوقت ، لا يخفون عدم اكتراثهم بالسلع التي يبيعونها. لكن فينسنت مهتم بشدة باللوحات التي تمر عبر شركة Goupil. يحدث أنه حتى يسمح لنفسه بتحدي رأي هذا أو ذاك الحبيب ، ويتمتم بشيء غاضب تحت أنفاسه ولا يُظهر المساعدة المناسبة. لكن كل هذا سيستقر في الوقت المناسب. هذا مجرد عيب بسيط ، والذي من المفترض أنه سيتخلص منه قريبًا ، نتيجة قلة الخبرة ، والشعور بالوحدة الطويلة. تتولى شركة Goupil عمولة فقط تلك اللوحات التي تم تصنيفها بدرجة عالية في سوق الفن - اللوحات التي رسمها الأكاديميون ، والحائزون على جائزة روما ، والأساتذة المشهورون مثل Anriquel-Dupont أو Calamatta ، والرسامون والنقاشون الذين يشجع الجمهور إبداعاتهم وموهبتهم. والسلطات. دفعت حرب 1870 ، التي اندلعت بين فرنسا وألمانيا ، شركة Goupil ، جنبًا إلى جنب مع عدد لا يحصى من المشاهد العارية والعاطفية والأخلاقية ، والرعاة المسائي والمشي الشاعرية في حضن الطبيعة ، إلى عرض بعض الأمثلة المبكرة أيضًا عن نوع المعركة.

قام فينسنت بفحص ودراسة وتحليل هذه اللوحات التي تم الانتهاء منها بعناية. كان مهتمًا بكل ما يتعلق بالفن. في كل مكان ، كان يشعر بالبهجة. كان مليئًا بالاحترام لشركة Goupil ، التي كانت تفتخر بسمعتها الراسخة. كل شيء ، أو كل شيء تقريبا ، سحره. يبدو أن حماسه لا يعرف حدودًا. ومع ذلك ، بصرف النظر عن ذلك الوقت في منزل العم سانت في برينسنهاغ ، لم ير عملاً فنيًا من قبل. إنه لا يعرف شيئًا على الإطلاق عن الفن. فجأة انغمس في هذا العالم الجديد! أتقن فينسنت ذلك بشغف. خلال أوقات فراغه ، كان يزور المتاحف ، ودرس أعمال الأساتذة القدامى. في أيام الآحاد تلك عندما لم يكن يتجول في قاعات المتحف ، قرأ أو ذهب إلى Scheveningen بالقرب من لاهاي ، التي كانت في ذلك الوقت قرية صيد هادئة. كان يجتذبه الصيادون الذين يذهبون إلى البحر بحثًا عن سمك الرنجة ، والحرفيون الذين ينسجون الشباك.

استقر فينسنت في عائلة محترمة من لاهاي ، تدفقت حياته بهدوء وهدوء. لقد أحب الوظيفة. يبدو ، ما الذي تريده أكثر؟

استقر والده ، بعد أن غادر Zundert ، في Helfourt ، وهي بلدة أخرى في برابانت بالقرب من Tilburg ، حيث تلقى مرة أخرى أبرشية بائسة بنفس القدر. في أغسطس 1872 ، ذهب فينسنت في إجازة إلى Oisterwijk ، بالقرب من Helfourt ، حيث كان شقيقه Theo يدرس. لقد أذهله ذكاء هذا الصبي البالغ من العمر خمسة عشر عامًا ، الذي نضج قبل الأوان تحت تأثير تربية قاسية. بالعودة إلى لاهاي ، دخل فينسنت في مراسلات معه: في رسائل أخبر شقيقه عن خدمته ، عن شركة Goupil. كتب: "هذا شيء عظيم ، كلما طالت مدة خدمتك ، كنت ترغب في العمل بشكل أفضل."

سرعان ما سار ثيو على خطى أخيه الأكبر. الأسرة فقيرة ويجب على الأطفال أن يكسبوا رزقهم. لم يكن ثيو في السادسة عشرة من عمره عندما غادر في بداية عام 1873 إلى بروكسل وانضم إلى الفرع البلجيكي لشركة Goupil.

كما غادر فينسنت هولندا. كمكافأة على حماسه ، نقلته شركة Goupil بترقية إلى فرع لندن. يعمل منذ أربع سنوات في شركة Goupil. في العاصمة البريطانية ، كان يسبقه خطاب توصية من السيد تيرست ، مليء بالكلمات الرقيقة فقط. انتهت فترة تدريب تاجر القطع الفنية.

وصل فينسنت إلى لندن في مايو.

يبلغ من العمر عشرين عاما. لا يزال لديه نفس النظرة الثابتة ، نفس الطية المتجهمة قليلاً في فمه ، لكن يبدو أن وجهه المستدير الشبابي المحلوق بعناية قد أصبح أكثر إشراقًا. ومع ذلك ، لا يمكن القول أن فينسنت يشع بالمرح ، أو حتى البهجة. أكتافه العريضة ورقبته الصاعدة تخلق إحساسًا بالقوة والقوة غير المنقطعة.

ومع ذلك ، فإن فينسنت سعيد. هنا يتمتع بوقت فراغ أكثر مما هو عليه في لاهاي: يبدأ العمل فقط في الساعة التاسعة صباحًا ، وفي أمسيات السبت والأحد ، يكون حراً تمامًا ، كما هو معتاد بين البريطانيين. كل شيء يجذبه في هذه المدينة الغريبة ، سحرها الغريب الذي شعر به على الفور بوضوح.

زار المتاحف والمعارض الفنية ومحلات التحف ، ولم يتعب من التعرف على الأعمال الفنية الجديدة ، ولم يتعب أبدًا من الإعجاب بها. ذهب مرة واحدة في الأسبوع لرؤية الرسوم التي تعرضها الجرافيك وأخبار لندن في نوافذها. تركت هذه الرسومات انطباعًا قويًا عليه لدرجة أنها ظلت في ذاكرته لفترة طويلة. في البداية ، تسبب له الفن الإنجليزي في حيرة معينة. لم يستطع فينسنت أن يقرر ما إذا كان قد أحب ذلك أم لا. لكنه استسلم تدريجياً لسحره. كان معجبًا بكونستابل ، وكان يحب رينولدز ، وغينزبورو ، وتورنر. بدأ في جمع البصمات.

وقعت إنجلترا في حبه. اشترى لنفسه اسطوانة على عجل. وأكد أنه "بدون هذا ، من المستحيل القيام بأعمال تجارية في لندن". كان يعيش في منزل عائلي ، كان من شأنه أن يناسبه تمامًا ، إن لم يكن مقابل أجر مرتفع للغاية - مقابل جيبه - وببغاء ثرثارة لا يطاق ، مفضل لخادمتين عجوزتين ، عشيقات المنزل الداخلي. في طريقه إلى العمل - إلى المعرض الفني في 17 شارع ساوثهامبتون ، في وسط لندن - وعاد ، وهو يتجول وسط حشد لندن الكثيف ، يتذكر كتب وشخصيات الروائيين الإنجليز ، التي قرأها بجد. إن وفرة هذه الكتب ، وعبادةها المميزة لموقد الأسرة ، والأفراح المتواضعة للأشخاص المتواضعين ، والابتسام الحزين لهذه الروايات ، والعاطفية المتبلطة قليلاً بروح الدعابة ، والتعليمية التي تفوح منها رائحة النفاق قليلاً ، أثرت عليه بشدة. كان يحب ديكنز بشكل خاص.

توفي ديكنز في عام 1870 ، قبل ثلاث سنوات من وصول فينسنت إلى لندن ، ووصل إلى ذروة الشهرة التي ربما لم يعرفها أي كاتب من قبله في حياته. استقر رماده في وستمنستر أبي بجانب رماد شكسبير وفيلدينغ. لكن شخصياته - أوليفر تويست والطفل نيل ونيكولاس نيكلبي وديفيد كوبرفيلد - ظلوا يعيشون في قلوب البريطانيين. وفنسنت ، أيضًا ، كانت مسكونة بهذه الصور. كمحب للرسم والرسم ، ربما كان معجبًا باليقظة المذهلة للكاتب ، الذي لاحظ دائمًا سماته المميزة في كل ظاهرة ، ولم يكن خائفًا من المبالغة فيها لمزيد من الوضوح وفي كل حلقة ، كل شخص ، سواء كان امرأة أو رجل ، كان قادرا على تسليط الضوء على الفور.

ومع ذلك ، فإن هذا الفن ، في جميع الاحتمالات ، لن يكون له مثل هذا الانطباع القوي على فينسنت إذا لم يلمس ديكنز أكثر الخيوط حميمية في قلبه. في أبطال ديكنز ، وجد فينسنت نفس الفضائل التي زرعها والده في زاندرت. إن نظرة ديكنز للعالم تتخللها الإحسان والإنسانية ، والتعاطف مع الإنسان ، والوداعة الإنجيلية حقًا. ديكنز هو مغني أقدار الإنسان ، الذي لا يعرف صعودًا رائعًا ولا تألقًا مأساويًا ، غريبًا عن أي شفقة ، متواضع ، غير متطور ، ولكنه في جوهره سعيد جدًا بهدوءه ، راضٍ بمثل هذه الفوائد الأولية التي يمكن لأي شخص وكل شخص المطالبة بها معهم. وماذا يحتاج أبطال ديكنز؟ "مائة جنيه في السنة ، زوجة لطيفة ، ودزينة من الأطفال ، وطاولة معدة بلطف لأصدقاء جيدين ، وكوخ خاص بالقرب من لندن مع عشب أخضر أسفل النافذة ، وحديقة صغيرة وقليل من السعادة."

هل يمكن أن تكون الحياة حقًا سخية جدًا ورائعة جدًا ، هل يمكنها أن تجلب الكثير من الأفراح البسيطة للإنسان؟ يا له من حلم! كم من الشعر في هذا المثال غير المعقد! هل من الممكن أن يتم منحه ، فينسينت ، يومًا ما للاستمتاع بهذه السعادة ، أو العيش ، أو بشكل أكثر دقة ، للنوم في هذا السلام السعيد - ليصبح أحد أتباع القدر؟ هل يستحق كل هذا؟

ضل فينسنت طريقه على طول الشوارع الضيقة النائية حيث عاش أبطال ديكنز ، حيث يعيش إخوانهم. إنجلترا القديمة ، اللطيفة ، المبهجة! سار على طول ضفاف نهر التايمز ، متأملاً مياه النهر ، والصنادل الثقيلة التي تحمل الفحم ، وجسر وستمنستر. أحيانًا كان يأخذ أوراقًا وقلمًا من جيبه ويبدأ في الرسم. ولكن في كل مرة كان يضحك بحزن. الرسم لم ينجح.

في سبتمبر ، معتبرا أن رسوم الصعود إلى الطائرة باهظة ، انتقل إلى شقة أخرى. استقر مع أرملة الكاهن ، مدام لوير ، التي كانت في الأصل من جنوب أوروبا. كتب فنسنت سعيدًا لأخيه ثيو: "الآن لدي غرفة طالما رغبت في الحصول عليها ، بدون عوارض مائلة وورق حائط أزرق بإطار أخضر." قبل ذلك بوقت قصير ، قام برحلة على متن قارب برفقة العديد من الإنجليز ، والتي اتضح أنها كانت ممتعة للغاية. بصراحة الحياة جميلة ...

بدت الحياة حقًا لفنسنت أكثر وأكثر جمالًا كل يوم.

وعده الخريف الإنجليزي بألف أفراح. سرعان ما أدرك معجب متحمس لديكنز حلمه: لقد وقع في الحب. كان لدى مدام لوير ابنة ، أورسولا ، ساعدتها في الحفاظ على حضانة خاصة. وقع فينسنت في حبها على الفور وفي نوبة حب أطلق عليها "الملاك مع الأطفال". بدأ نوع من لعبة الحب بينهما ، والآن في المساء سارع فينسنت إلى المنزل لرؤية أورسولا في أسرع وقت ممكن. لكنه كان خجولًا وخرقًا وغير قادر على التعبير عن حبه. بدا أن الفتاة قبلت بشكل إيجابي مغازلة خجولة. مغناج بطبيعتها ، كانت تسلي نفسها مع فتى برابانت عادي يتحدث الإنجليزية بشكل سيء. واندفع إلى هذا الحب بكل براءة وشغف قلبه ، بنفس البراءة والعاطفة التي أحب بها اللوحات والرسومات ، دون أن يفهم ما إذا كانت جيدة أو متواضعة.

هو صادق ، وفي عينيه العالم كله تجسيد للصدق واللطف. لم يتح له الوقت ليقول أي شيء لأورسولا بعد ، لكنه حريص على إخبار الجميع عن سعادته. ويكتب إلى أخواته ووالديه: "لم أرَ قط ، وحتى في أحلامي ، لم أستطع تخيل أي شيء أجمل من ذلك الحب الرقيق الذي يربطها بوالدتها. أحبها من أجلي ... في هذا المنزل الجميل ، حيث أحب كل شيء كثيرًا ، أحظى باهتمام كبير ؛ الحياة كريمة وجميلة ، وكل هذا يا رب خلقت بواسطتك! "

كانت فرحة فينسنت عظيمة جدًا لدرجة أن ثيو أرسل له إكليلًا من أوراق البلوط ، وبتوبيخ مرح ، طلب منه في نشوته ألا ينسى غابات موطنه الأصلي برابانت.

وبالفعل ، على الرغم من أن فينسنت لا يزال يعتز بسهولته وغاباته الأصلية ، إلا أنه غير قادر على مغادرة إنجلترا هذه المرة في رحلة إلى هلفورت. يريد البقاء بالقرب من أورسولا ، للاحتفال بجانبها بترقية أخرى ، مما أسعده بعيد الميلاد مع شركة Goupil. من أجل التكفير بطريقة ما عن غيابه ، أرسل أقاربه رسومات تخطيطية لغرفته ، منزل مدام لوير ، الشارع الذي يوجد فيه هذا المنزل. كتبت له والدته: "لقد صورت كل شيء بوضوح شديد لدرجة أننا نتخيل كل شيء بوضوح تام".

واصل فينسنت مشاركة سعادته مع عائلته. كل شيء من حوله يسعده ويلهمه. "يسعدني كثيرًا التعرف على لندن ، وطريقة الحياة الإنجليزية ، والإنجليز أنفسهم. ولدي أيضًا طبيعة وفن وشعر. إذا لم يكن هذا كافيًا ، فماذا نحتاج أيضًا؟ صرخ في رسالته في يناير إلى ثيو. ويخبر شقيقه بالتفصيل عن الفنانين واللوحات المفضلة لديه. ونصحه قائلاً: "اعثر على الجمال أينما يمكنك ، لا يلاحظ معظم الناس الجمال دائمًا".

أعجب فينسنت بنفس القدر بجميع اللوحات - سواء كانت جيدة أو سيئة. قام بتجميع قائمة لفنانينه المفضلين إلى ثيو (كتب "ولكن يمكنني الاستمرار في ذلك إلى أجل غير مسمى") ، حيث تقف أسماء الأساتذة بجوار أسماء العبث غير الكفؤ: Corot ، و Comte-Cali ، و Bonnington ، و Mademoiselle Collar ، بودين ، فاين-بيرين ، زييم ، أوتو ويبر ، تيودور روسو ، جندت ، فرومنتين ... أعجب فنسنت بالدخن. قال: "نعم ، صلاة العشاء حقيقية ، إنها رائعة ، إنها شعر".

الأيام تتدفق بسعادة وهادئة. ومع ذلك ، لا القبعة العالية ولا الشاعرة مع Ursula Loyer غيّرت فينسنت بالكامل. لا يزال هناك الكثير من الوحشي الصغير الذي كان عليه من قبل. في أحد الأيام ، جمعته القضية مع فنان هولندي جيد يعيش في إنجلترا - أحد أشقاء ماريس الثلاثة - تايس ماريس. لكن حديثهم لم يتجاوز العبارات المبتذلة.

لذلك حان الوقت لمغازلة أورسولا لوير لتجاوز العبارات العادية. لكن فينسنت لم يجرؤ على النطق بكلمات حاسمة لفترة طويلة. لقد كان راضياً بالفعل عن حقيقة أنه يستطيع الإعجاب بجمال الفتاة ، والنظر إليها ، والتحدث ، والعيش جنبًا إلى جنب معها ، والشعور بالسعادة. كان مليئا بحلمه ، حلم كبير ولد في قلبه. احصل على المال ، وتزوج من Ursula الجميلة ، وأنجب أطفالًا ، وامتلك منزلًا ، وزهورًا ، واستمتع بحياة هادئة ، وأخيراً تذوق السعادة ، على الأقل قطرة من السعادة ، بسيطة ، بلا فن ، تُمنح لملايين وملايين الأشخاص ، تذوب في حشد مجهول الهوية ، في دفئها الجيد.

سيحصل فينسنت على إجازة لبضعة أيام في يوليو. لقد أمضى عيد الميلاد في إنجلترا ، مما يعني أنه سيذهب إلى هلفورت في يوليو ، وإلا فهذا مستحيل. أورسولا! السعادة قريبة جدا ، قريبة جدا! أورسولا! لم يعد بإمكان فينسنت تأجيل الشرح. هو قرر. وها هو يقف أمام أورسولا. أخيرًا ، شرح نفسه ، نطق الكلمات التي رعاها في قلبه لفترة طويلة - أسبوعًا بعد أسبوع ، وشهرًا بعد شهر. نظرت إليه أورسولا وانفجرت ضاحكة. لا ، هذا مستحيل! هي مخطوبة بالفعل. الشاب الذي استأجر غرفة في منزلهم قبل أن يطلب فينسنت يدها لفترة طويلة ، فهي عروسه. غير ممكن! ضحكت أورسولا. يضحك أثناء شرحه لهذا الفليمينج الخرقاء ، بمثل هذه الأخلاق الريفية المضحكة ، كيف أخطأ. كانت تضحك.

قطرة السعادة! لن يحصل على قطرة من السعادة! أصر فينسنت ، وناشد أورسولا بحرارة. لن يتخلى عنها! طالبها بقطع الخطوبة حتى تتمكن من الزواج منه ، فنسنت ، الذي أحبها بشدة. لا تستطيع أن تدفعه بعيداً وكأن القدر نفسه قد رفضه.

لكن ضحك أورسولا كان جوابه. الضحك الساخر من القدر.

ثالثا. منفى

لقد كنت وحيدًا ، وحيدًا

ملفوفة بحجاب البحر

نسيها الناس .. لا القديسون ولا الله

لم أشفق علي.

كوليردج. "أغنية البحار القديم" ، 4

في هلفورت ، توقع القس وزوجته ، بعد الرسائل المبتهجة في الأشهر الماضية ، أن يروا فينسنت مبتهجًا ومليئًا بالخطط الساطعة للمستقبل. ولكن قبلهم ظهر فينسنت السابق ، وهو شاب غير اجتماعي ذو مظهر كئيب متجهم. مرت لحظات من السعادة المشرقة بشكل لا رجوع فيه. كانت السماء مغطاة بالغيوم السوداء مرة أخرى.

لم يقل "فينسنت" أي شيء. أصابته الضربة في قلبه. حاول كبار السن مواساته ، لكن هل من الممكن مساعدة شخص بالكلمات ، والإقناع غير المترابط غير المترابط ، الذي عانى مؤخرًا من نوبة من البهجة ، ابتهج بصخب وبصوت عالٍ بسعادته ، التي انفجرت فجأة مثل فقاعة صابون؟ "كل شيء سيمر" ، "الوقت سيشفي كل شيء" - ليس من الصعب تخمين كلمات العزاء المعتادة في مثل هذه الحالات ، التي لجأ إليها الأقارب ، متمنين أن تبتسم ابتسامة هادئة على وجه فينسنت المنهك مرة أخرى. لكن فينسينت لم يجب. سقط في السجود ، وحبس نفسه في غرفته وكان يدخن ليلا ونهارا. كلمات فارغة! كان يحب ، لا يزال يحب أورسولا بنكران الذات. لقد سلم نفسه لحبه بروحه وجسده ، والآن انهار كل شيء - ضحك فتاته المحبوبة دمر ودست كل شيء. هل من المعقول أن يغرق الشخص الذي ذاق الكثير من السعادة في مثل هذا الحزن اليائس؟ التراجع ، التعامل مع سوء الحظ ، إغراق الحزن في الأعمال اليومية الغبية الصغيرة ، في مخاوف غبية؟ أكاذيب يا جبان! لماذا رفضته أورسولا؟ لماذا اعتبرته غير مستحق؟ ألم تحبه؟ أم وظيفته؟ موقفه المتواضع البائس الذي دعاها ببراءة لمشاركته؟ ضحكتها ، أوه ، تلك الضحكة! - ما زال يتردد صداها في أذنيه. أحاط به الظلام من جديد ، والظلام البارد للوحدة ، الذي كان يثقل كاهل كتفيه.

احتجز فينسنت في غرفته بمفتاح ، وقام بتدخين أنبوب ورسم.

في كل مرة كان يخرج فيها إليهم ، كان الكاهن وزوجته ينظران بتعاطف إلى ابنهما البالغ ، غير السعيد بلا حدود. مرت الأيام كالمعتاد ، واستدعى مدير فرع شركة Goupil في لندن فينسنت للعمل. يجب عليه الذهاب. الآباء قلقون. إنهم يخشون أنه قد يتخذ خطوة متهورة ، فهم يشككون فيما إذا كان من الحكمة السماح له بالذهاب إلى لندن بمفرده. دع الأخت الكبرى ، آنا ، تذهب معه. ربما ستعمل شركتها على تهدئة فينسنت قليلاً.

في لندن ، استقر فينسينت وآن في شارع كينسينغتون الجديد ، بعيدًا نسبيًا عن منزل مدام لوير الداخلي. عاد فينسنت إلى خدمته في المعرض الفني. هذه المرة بدون حماس. يبدو أن الموظف المثالي السابق قد تم استبداله. هو أقل سعادة بكثير مع أصحابه. فينسنت متجهم وسريع الانفعال. كما كان من قبل ، كما في Hellworth ، ينغمس في تأملات طويلة. بصعوبة كبيرة ، تمكنت آنا من منعه من محاولة رؤية أورسولا مرة أخرى. توقف عن إرسال الرسائل إلى عائلته تمامًا. قرر القس أن يخبر الأخ فنسنت بما حدث. فعل العم سانت على الفور كل ما هو مطلوب منه ، وتعرف مدير المعرض على الحب التعيس لكاتبه. من الواضح الآن من أين يأتي هذا الموقف الكئيب وغير الودي تجاه العملاء. القضية سهلة للمساعدة. يكفي لإرسال "فنسنت" إلى باريس. أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في باريس المبهجة ، مدينة الملذات ، وكل شيء سيؤخذ باليد. سوف يلتئم جرح قلب الشاب بسرعة ، وسيصبح مرة أخرى موظفًا مثاليًا.

في أكتوبر ، ذهب فينسنت إلى باريس ، إلى مقر شركة Goupil ، بينما عادت الأخت آنا إلى Helfourt. فينسينت وحيد في باريس ، في مدينة المتعة هذه ، مدينة الفن. في صالون المصور نادر ، قام العديد من الفنانين الذين يتعرضون للهجوم باستمرار - سيزان ، مونيه ، رينوار ، ديغا ... بأول معرض جماعي لهم هذا العام. لقد أحدثت ضجة. وبما أن إحدى اللوحات المعروضة ، والتي تخص مونيه ، كانت تسمى "شروق الشمس. الانطباع "، أطلق الناقد البارز لويس ليروي على هؤلاء الفنانين لقب الانطباعيين ، وظل هذا الاسم معهم.

ومع ذلك ، لم يكرس فنسنت فان جوخ وقتًا للفن أكثر من الترفيه. محكوم عليه بالوحدة ، انغمس في اليأس اليائس. وليس بيد واحدة ودية! وليس هناك مكان لانتظار الخلاص! بلاؤرالا. إنه غريب في هذه المدينة ، مثل أي شخص آخر ، لا يستطيع مساعدته. إنه يغوص في نفسه إلى ما لا نهاية ، في فوضى الأفكار والمشاعر. إنه يريد شيئًا واحدًا فقط - الحب ، الحب بلا كلل ، لكنها رفضت ، الحب الذي غمر قلبه ، النار التي اندلعت في روحه وانفجرت. لقد أراد أن يعطي كل ما لديه ، ليضفي حبه على أورسولا ، ليمنح السعادة ، والفرح ، وأن يعطي نفسه بالكامل بلا رجعة ، ولكن بحركة واحدة من يده ، بضحكة مسيئة - أوه ، كم هو مأساوي رن ضحكها! - رفضت كل ما أراد أن يقدمها لها كهدية. تم إبعاده ورفضه. لا أحد يحتاج إلى حب فينسنت. لماذا ا؟ ماذا فعل ليستحق مثل هذه الإهانة؟ بحثًا عن إجابة لأسئلته ، هربًا من الأفكار الثقيلة المؤلمة ، يدخل فينسنت الكنائس. لا ، لا يعتقد أنه تم رفضه. لابد أنه أساء فهم شيء ما.

عاد فينسنت بشكل غير متوقع إلى لندن. هرع إلى أورسولا. لكن ، للأسف ، لم تفتح أورسولا الباب له. أورسولا رفضت قبول فينسينت.

اليوم الذي يسبق ليلة الميلاد. عشية عيد الميلاد الإنجليزية. شوارع مزينة بشكل احتفالي. الضباب الذي تومض فيه الأضواء الشريرة. فينسينت وحيد في حشد مرح ، منعزل عن الناس ، من العالم كله.

كيف تكون؟ في المعرض الفني في شارع ساوثهامبتون ، لا يطمح على الإطلاق لأن يصبح كاتبًا مثاليًا سابقًا. أين هناك! التجارة في النقوش واللوحات ذات الذوق المشكوك فيه ، أليست هذه هي التجارة الأكثر بؤسًا التي تخطر ببالك؟ هل بسبب - بسبب قذارة هذه المهنة - رفضته أورسولا؟ ما هو حب بعض التاجر الصغير لها؟ هذا ما كان يجب أن تفكر فيه أورسولا. بدا لها عديم اللون. وفي الحقيقة ، ما مدى بائسة الحياة التي يعيشها. ولكن ماذا تفعل يا رب ماذا تفعل؟ يقرأ فينسنت الكتاب المقدس بشغف ، ويقرأ ديكنز وكارليل ورينان ... وغالبًا ما يحضر إلى الكنيسة. كيف تهرب من بيئتك ، كيف تكفر عن تفاهتك ، كيف تطهر نفسك؟ يتوق فينسنت لوحي ينيره وينقذه.

اتخذ العم سانت ، الذي كان لا يزال يراقب ابن أخيه من بعيد ، الإجراءات اللازمة لنقله إلى باريس للخدمة الدائمة. ربما كان يعتقد أن تغيير المشهد سيكون مفيدًا للشاب. في مايو ، أمر فينسنت بمغادرة لندن. عشية مغادرته ، في رسالة إلى شقيقه ، اقتبس عدة عبارات من رينان تركت انطباعًا عميقًا عنه: "لكي تعيش من أجل الناس ، يجب أن تموت من أجل نفسك. إن الشعب الذي يتولى حمل فكرة دينية للآخرين ليس له وطن آخر غير هذه الفكرة. لا يأتي الإنسان إلى العالم لمجرد أن يكون سعيدًا ، ولا حتى لمجرد أن يكون صادقًا. إنه هنا ليقوم بأشياء عظيمة لصالح المجتمع ويكتسب نبلًا حقيقيًا ، متجاوزًا الابتذال الذي تعيش فيه الغالبية العظمى من الناس.

لم ينس فنسنت أورسولا. كيف ينسىها؟ لكن الشغف الذي كان يمتلكه ، مكبوتًا كان رفض أورسولا ، العاطفة التي ألهبها في نفسه إلى أقصى حد ، ألقت به بشكل غير متوقع في أحضان الله. استأجر غرفة صغيرة في مونمارتر "تطل على حديقة مليئة باللبلاب والعنب البري". بعد الانتهاء من العمل في المعرض ، سارع إلى المنزل. هنا أمضى ساعات طويلة بصحبة موظف معرض آخر ، وهو الإنجليزي هاري جلادويل البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا ، والذي أصبح معه أصدقاء لقراءة الكتاب المقدس والتعليق عليه. عادت الورقة السميكة السوداء من زمن زاندرت إلى مكتبه. رسائل فينسنت إلى أخيه ، رسائل من الأكبر إلى الأصغر ، تذكرنا بالمواعظ: "أعلم أنك شخص عاقل ،" يكتب. - لا تعتقد ذلك الكلحسنًا ، تعلم أن تحدد بنفسك ما هو جيد نسبيًا وماذا سيئة،ودع هذا الشعور يخبرك بالطريق الصحيح الذي تباركه السماء - بالنسبة لنا جميعًا ، أيها العجوز ، نحتاج ليهدينا الرب.

في أيام الأحد ، حضر فينسنت الكنائس البروتستانتية أو الأنجليكانية ، وأحيانًا كليهما ، وغنى المزامير هناك. بوقار استمع إلى خطب الكهنة. "كل شيء يتحدث عن صلاح أولئك الذين يحبون الرب" ، ألقى القس بيرنييه ذات مرة خطبة حول هذا الموضوع. كتب فينسينت بحماس لأخيه: "لقد كان رائعًا وجميلًا". النشوة الدينية إلى حد ما خففت من آلام الحب غير المتبادل. لقد نجا فينسنت من اللعنة. نجا من الشعور بالوحدة. في كل كنيسة ، كما في الكنيسة الصغيرة ، لا تتحدث مع الله فحسب ، بل مع الناس أيضًا. وهم يدفئونك بدفئهم. لم يعد عليه أن يخوض جدالًا لا نهاية له مع نفسه ، والقتال باليأس ، والاستسلام بشكل لا رجعة فيه لقوى قوى الظلام التي استيقظت في روحه. أصبحت الحياة مرة أخرى بسيطة ومعقولة وهناء. "كل شيء يتحدث عن صلاح الذين يحبون الرب." يكفي في صلاة الحماسة رفع الأيدي إلى الإله المسيحي ، وإشعال شعلة المحبة وإحراقها ، من أجل الحصول على الخلاص ، بعد التطهير.

استسلم فنسنت بالكامل لمحبة الله. في تلك الأيام ، لم تفقد مونمارتر ، بحدائقها ومساحاتها الخضراء وطواحينها ، مع عدد سكانها الصغير والهادئ نسبيًا ، مظهرها الريفي. لكن فينسنت لم ير مونمارتر. أثناء التسلق أو النزول في شوارعها الضيقة شديدة الانحدار المليئة بالسحر الخلاب ، حيث كانت حياة الناس على قدم وساق ، لم يلاحظ فينسنت أي شيء حوله. لا يعرف مونمارتر ، فهو لا يعرف باريس أيضًا. صحيح أنه كان لا يزال مهتمًا بالفن. زار معرض كوروت بعد وفاته - الفنان مات لتوه في ذلك العام - في اللوفر ، ومتحف لوكسمبورغ ، في الصالون. قام بتزيين جدران غرفته بنقوش لكورو ، ميليت ، فيليب دي شامبيني ، بونينجتون ، رويسدايل ، رامبرانت. لكن شغفه الجديد أثر على أذواقه. احتل المكان الرئيسي في هذه المجموعة استنساخ لوحة رامبرانت "قراءة الكتاب المقدس". "هذا الشيء يدفع إلى التفكير" ، يؤكد فينسنت بقناعة مؤثرة ، مقتبسًا من كلمات المسيح: "عندما يجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي ، فأنا في وسطهم". فينسنت تلتهمه حريق داخلي. صُنع ليؤمن ويحترق. عشق أورسولا. أحب الطبيعة. أحب الفن. الآن يعشق الله. "إن الشعور ، حتى أدق شعور بالحب تجاه الطبيعة الجميلة ، لا يشبه على الإطلاق شعورًا دينيًا" ، هكذا صرح في رسالة إلى ثيو ، ولكن بعد ذلك ، استحوذ عليه الشك ، واستهلكه وتمزقه العواطف التي تغلي فيه ، في تمزيق حب الحياة ، يضيف: "على الرغم من أنني أعتقد أن هذين الشعورين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا". زار المتاحف بلا كلل ، لكنه قرأ الكثير أيضًا. قرأت Heine و Keats و Longfellow و Hugo. قرأت أيضًا مشاهد جورج إليوت من حياة رجال الدين. أصبح كتاب إليوت هذا بالنسبة له في الأدب ما كانت لوحة رامبرانت "قراءة الكتاب المقدس" بالنسبة له في الرسم. يمكنه تكرار الكلمات التي قالتها مدام كارلايل ذات مرة بعد قراءة "آدم بيدي" لنفس المؤلف: "استيقظت التعاطف مع الجنس البشري كله". معاناة ، يشعر فينسنت بالشفقة الغامضة على كل أولئك الذين يعانون. الرحمة هي الحب ، كاريتاس هي أعلى شكل من أشكال الحب. ولد من خيبة أمل الحب ، نتج عن حزنه حبًا مختلفًا أقوى. تولى فينسنت ترجمة المزامير ، وانغمس في التقوى. في سبتمبر ، أعلن لأخيه أنه ينوي الانفصال عن ميشليه ورينان ، مع كل هؤلاء اللاأدريين. ينصح "افعل نفس الشيء من أجلك". في بداية شهر أكتوبر ، عاد بإصرار إلى نفس الموضوع ، وسأل أخيه عما إذا كان قد تخلص بالفعل من الكتب التي كان ينبغي ، باسم حب الله ، منعها. ويضيف: "لا تنسَ صفحة ميشليه على" صورة امرأة "لفيليب دي شامبين ،" ولا تنسَ رينان ، ومع ذلك ، افترق عنها ... "

وكتب فينسنت لأخيه: "اطلب النور والحرية ولا تغوص في أعماق تراب هذا العالم". بالنسبة لفنسنت نفسه ، تتركز أوساخ هذا العالم في المعرض ، حيث يضطر كل صباح إلى توجيه خطواته.

أصبح السادة بوسو وفالادون ، أصهار أدولف غوبيل ، الذي أسس هذا المعرض منذ نصف قرن ، مديرين للشركة من بعده. كانوا يمتلكون ثلاثة متاجر - في Place de l'Opéra في 2 ، في 19 ، في شارع Montmartre ، وفي 9 في شارع Chaptal. في هذا المتجر الأخير ، الموجود في قاعة مفروشة بشكل فاخر ، عمل فينسينت. ثريا كريستالية رائعة معلقة من السقف ، تضيء الأريكة الناعمة ، حيث يستريح العملاء ، المنتظمون في هذه المؤسسة الأنيقة ، مستمتعين بالصور بإطارات مذهبة أنيقة معلقة على الجدران. إليكم الأعمال المرسومة بعناية للسادة المشهورين في تلك السنوات - جان جاك إينيت وجولز لوفيفر ، وألكسندر كابانيل وجوزيف بون - كل هذه الصور المهيبة ، والعراة الفاضلة ، والمشاهد البطولية الاصطناعية - اللوحات السكرية ، التي يلعقها أساتذة بارزون. هذه مجموعة من العالم تحاول إخفاء رذائلها وفقرها وراء الابتسامات المنافقة والنزاهة الزائفة. هذا هو العالم الذي يخافه فينسنت دون وعي. في هذه الصور المبتذلة ، يشعر بأنه كاذب: ليس لديهم روح ، وأعصابه العارية تمسك بالفراغ بشكل مؤلم. يستهلكه عطش لا يعرف الكلل إلى الخير ، منهكًا برغبة لا تُقاوم في الكمال ، يضطر ، حتى لا يموت من الجوع ، إلى التجارة في هذه القمامة البائسة. غير قادر على قبول مثل هذا المصير ، قام بقبض قبضتيه.

"ماذا تحب؟ هذه هي الموضة! أخبره أحد زملائه. موضة! أثارت الثقة بالنفس المتفاخرة ، وغباء كل هؤلاء المغناجين والطلبة الذين يزورون المعرض ، حنقه إلى أقصى الحدود. خدمهم فينسنت باشمئزاز غير مقنع ، وفي بعض الأحيان صرخ عليهم. إحدى السيدات ، التي أساءت لهذه المعاملة ، وصفته بـ "الأحمق الهولندي". وفي مناسبة أخرى ، غير قادر على احتواء غضبه ، صرخ لمضيفيه أن "التجارة في الأعمال الفنية هي مجرد شكل من أشكال السطو المنظم".

بطبيعة الحال ، لم يكن السادة بوسو وفالادون مسرورين بمثل هذا الكاتب البغيض. وأرسلوا رسالة إلى هولندا يشكو فيها من فينسينت. وقالت إنه ينغمس في معرفة غير مناسبة تمامًا بعملائه. من جانبه ، كان فينسنت غير راضٍ أيضًا عن الخدمة. في كانون الأول (ديسمبر) - غير قادر على الصمود أكثر - غادر باريس دون سابق إنذار وذهب إلى هولندا للاحتفال بعيد الميلاد هناك.

غير والده رعيته مرة أخرى. الآن تم تعيينه كاهنا في Etten - قرية صغيرة بالقرب من مدينة بريدا. هذا النقل لا يعني بأي حال من الأحوال زيادة. القس ، الذي يبلغ راتبه السنوي حوالي ثمانمائة فلورين (حتى فينسنت يكسب أكثر من ألف) ، لا يزال فقيرًا ، وبالتالي يحلم بشغف بتأمين مستقبل أبنائه. هذا هو أخطر مخاوفه. لكن لا يقل قلقًا بشأن حالته الذهنية المكتئبة ، التي ظهر فيها فينسنت. كما أنه يشعر بالحرج من التمجيد الصوفي لابنه - في إحدى رسائله يذكره بقصة إيكاروس ، الذي أراد الطيران في الشمس وفقد جناحيه. وإلى ابن آخر - ثيو - كتب: "يجب أن يكون فينسنت سعيدًا! ربما من الأفضل أن تجد له وظيفة أخرى؟

كان غياب فينسنت قصيرًا. في أوائل يناير 1876 عاد إلى باريس. استقبل السادة بوسو وفالادون الموظف ببرود ، والذي ، على الرغم من عيوبه ، ما زالوا يفتقدون كثيرًا خلال أيام التداول التي سبقت عيد الميلاد. "بعد أن التقيت بالسيد بوسو مرة أخرى ، سألته عما إذا كان يوافق على أنني يجب أن أبقى في خدمة الشركة هذا العام ، معتقدًا أنه لا يستطيع لومني على أي شيء خطير بشكل خاص" ، كتب فينسينت محرجًا إلى شقيقه ثيو في 10 يناير. "في الواقع ، كان كل شيء مختلفًا ، ولفت انتباهي إلى كلامي ، قال إنني يمكن أن أعتبر نفسي مطرودًا من 1 أبريل وأشكر السادة أصحاب الشركة على كل ما تعلمته منهم في الخدمة. "

كان فينسنت مرتبكًا. كان يكره وظيفته ، وكان سلوكه في الخدمة لا بد أن يتشاجر مع أصحاب العمل عاجلاً أم آجلاً. لكن قبل عامين لم يفهم غنج أورسولا وعبثه ، لذلك لم يكن قادرًا هنا على توقع العواقب الحتمية لأفعاله الغريبة - فاجأه الفصل وأزعجه. فشل آخر! قلبه يفيض بالحب الذي لا ينضب للناس ، لكن هذا الحب هو الذي فصله عن الناس وجعله منبوذًا. تم رفضه مرة أخرى. في الأول من أبريل ، سيترك خدمته في المعرض الفني ويتجول بمفرده في طريقه الشائك. إلى أين يذهب؟ الى أي نهاية؟ لم يكن يعرف كيف يعيش في هذا العالم الذي يتلمس طريقه مثل رجل أعمى. كان يعلم فقط أنه قد ألقى به في البحر ، وشعر بشكل غامض أنه لا يوجد مكان في العالم له. وكان يعلم - هذا مهم! - الأمر الذي أدى إلى اليأس من أحبائهم. أعلن العم سانت ، غاضبًا مما حدث ، أنه لن يهتم بعد الآن بابن أخيه الذي لا يطاق. كيف تبرر نفسك لعائلتك؟ فكر فينسنت في والده - يبدو أن مسار حياته المباشر والصادق يجب أن يكون مثالًا لابنه. كان يظن بقلق أنه خدع توقعات أبيه ، بين الحين والآخر يسبب له الحزن ، بينما إخوته وأخواته دائمًا ما يجعلون الرجل العجوز سعيدًا فقط. ألم عميق لا يطاق من الندم استولى على روح فينسنت. لم يكن لديه القوة ليحمل صليبه - كان العبء ثقيلاً للغاية! ولهذا عتب على ضعفه. رفضته أورسولا وبعدها رفضه العالم كله. أي نوع من الأشخاص هو؟ ما الذي يخفيه فيه الذي يمنعه من تحقيق كل النجاحات المتواضعة ، كل ما تجرأ على زعمه؟ ما هو سر الرذيلة ، وماذا يجب أن يكفر عنه؟ قريبًا سيبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا ، وهو مثل الصبي الذي يُلقى من جانب إلى آخر بين الحين والآخر ، ولن يجد موطئ قدم بأي شكل من الأشكال ، وكأنه محكوم عليه بالفشل الأبدي! ماذا تفعل الآن يا إلهي ؟!

نصحه والده بالبحث عن عمل في المتحف. وقال ثيو إنه سيكون من المفيد تناول الرسم ، لأن فينسنت كان لديه رغبة واضحة وقدرة لا يمكن إنكارها في هذا الشأن. لا ، لا ، أصر فينسنت بعناد. لن يكون فنانا. ليس لديه الحق في البحث عن طريق سهل. يجب عليه التكفير عن ذنبه ، وإثبات أنه ليس غير مستحق للرعاية التي أحاطه بها أقرباؤه. رفض المجتمع فينسنت ، يلومه. يجب عليه أن يتغلب على نفسه ويصحح نفسه ليحصل في النهاية على احترام مواطنيه. كل إخفاقاته هي نتيجة عدم كفاءته وعدم أهميته. سوف يتحسن ، سيصبح شخصًا مختلفًا. سوف يكفر عن خطاياه. في غضون ذلك ، يبحث عن عمل ، ويدرس الإعلانات في الصحف الإنجليزية ، ويشطب مع أصحاب العمل.

في بداية أبريل ، وصل فينسنت إلى إيتن. لم يكن ينوي البقاء هنا لفترة طويلة. لم يكن يريد أن يكون عبئًا على والديه ، اللذين كانا قد تعرضا له بالفعل لفترة طويلة. حنان والدته وأبيه ، اللذان أثارهما رسائل ثيو المزعجة ، لم يلين ، بل على العكس ، زاد من مرارة التوبة في روحه. اتصل فينسنت بالقس الأب ستوكس ، مدير المدرسة الداخلية في رامس جيت ، الذي عرض عليه منصبًا تدريسيًا في مؤسسته. قريباً سيعود فينسنت إلى إنجلترا.

سيجد أورسولا ومن يدري ...

استعد فينسنت للذهاب.

في 16 أبريل ، وصل فينسنت إلى رامسجيت ، وهي بلدة صغيرة عند مصب نهر التايمز في كنت. في رسالة إلى أقاربه ، تحدث عن رحلته ، وأخبر كيف أن الرجل الذي يحب الطبيعة بشدة وحساسه بشكل غير عادي للألوان: "في صباح اليوم التالي ، عندما كنت أسافر بالقطار من هارويش إلى لندن ، كان من دواعي سروري أن انظر إلى الحقول السوداء في شفق الفجر ، في السهول الخضراء حيث ترعى الحملان والأغنام. هنا وهناك - شجيرات شائكة ، بلوط طويل مع فروع داكنة وجذوع متضخمة مع الطحالب الرمادية. السماء الزرقاء قبل الفجر ، والتي لا تزال تتلألأ فيها بعض النجوم ، وفي الأفق قطيع من السحب الرمادية. حتى قبل شروق الشمس ، سمعت أغنية قبرة. عندما وصلنا إلى المحطة الأخيرة قبل لندن بقليل ، أشرقت الشمس. تبدد قطيع الغيوم الرمادية ، ورأيت الشمس - مثل شمس عيد الفصح البسيطة والضخمة حقًا. كان العشب يتلألأ بالندى والصقيع الليلي ... غادر القطار المتجه إلى رامسجيت بعد ساعتين فقط من وصولي إلى لندن. هذا حوالي أربع ساعات ونصف أخرى بالسيارة. الطريق جميل - مررنا ، على سبيل المثال ، بمنطقة جبلية. أدناه ، التلال مغطاة بالعشب المتناثر ، ونمت فوقها بساتين البلوط. كل هذا يذكرنا بالكثبان الرملية. بين التلال تطفو قرية فيها كنيسة مغطاة باللبلاب ، مثل العديد من المنازل ، كانت الحدائق مزهرة وفوق كل شيء كانت هناك سماء زرقاء مع سحب رمادية وبيضاء في بعض الأحيان.

كان فينسنت معجبًا ومتذوقًا لديكنز. عند دخوله المنزل القديم من ألواح الطوب الرمادي المتشابكة مع الورود والويستريا ، حيث وضع القس ستوكس مدرسته ، شعر على الفور وكأنه ديفيد كوبرفيلد في بيئة مألوفة. يبدو أن هذه البيئة الجديدة بالنسبة له قد تم نقلها هنا من رواية ديكنزية. كان للقس ستوكس مظهر غريب. كان يرتدي دائمًا ملابس سوداء ، نحيفة ، نحيفة ، ذات وجه متجعد بشدة ، بني غامق ، مثل وجه معبود خشبي قديم - كما وصفه فينسنت - بدا وكأنه شبح في وقت متأخر من بعد الظهر. ممثل عن رجال الدين الإنجليز التافهين ، كان يعاني من نقص شديد في المال. بصعوبة بالغة ، كان يعيل عائلته الكبيرة بشكل مفرط ، والتي كانت ترعاها زوجته الهادئة غير المرئية. منزله الداخلي مغطى بالنباتات. تمكن من تجنيد الطلاب فقط في أفقر أحياء لندن. كان لدى القس ستوكس أربعة وعشرون طالبًا في المجموع ، تتراوح أعمارهم بين العاشرة والرابعة عشر ، وأولاد شاحبين ومتعثرين أصبحوا أكثر بؤسًا بسبب قبعاتهم العلوية وسراويلهم وستراتهم الضيقة. في أمسيات الأحد ، شاهد فينسنت بحزن وهم يلعبون الوثب في نفس البدلة.

ذهب تلاميذ القس ستوكس إلى الفراش في الساعة الثامنة مساءً واستيقظوا في السادسة صباحًا. لم يقض فينسنت الليلة في منزل داخلي. تم إعطاؤه غرفة صغيرة في المنزل المجاور ، حيث كان يعيش مدرس ستوكس الثاني - شاب يبلغ من العمر حوالي سبعة عشر عامًا. كتب فينسينت: "سيكون من الجميل تزيين الجدران ببعض المطبوعات".

نظر فينسنت باهتمام إلى المناظر الطبيعية - أشجار الأرز في الحديقة ، والسدود الحجرية للميناء. أضع أغصان الأعشاب البحرية في رسائلي. من حين لآخر ، كان يأخذ حيواناته الأليفة في نزهة على شاطئ البحر. لم يكن هؤلاء الأطفال الضعفاء صاخبين ، إلى جانب سوء التغذية المستمر الذي أعاق نموهم العقلي ، وإذا لم يرضوه بالنجاحات التي يحق لكل معلم الاعتماد عليها ، فلن يزعجه بأي شكل من الأشكال. إلى جانب ذلك ، في الحقيقة ، لم يثبت فينسنت أنه مدرس لامع. لقد قام بتدريس "القليل من كل شيء" - الفرنسية والألمانية ، الحساب ، التهجئة ... ولكن أكثر من ذلك بكثير ، بالنظر إلى المناظر البحرية المنتشرة خارج النافذة ، فقد أمتع طلابه بقصص عن برابانت وجمالها. كما استمتعت بهم بحكايات أندرسن الخيالية ، وهي إعادة سرد لروايات إركمان شاتريان. في أحد الأيام سار من رامسجيت إلى لندن ، وتوقف في كانتربري ، حيث كان يعاين الكاتدرائية بإعجاب. ثم قضى الليل على ضفة البركة.

هل حينها اكتشف فينسنت أن أورسولا متزوجة؟ لم يذكر اسمها مرة أخرى ، ولم يتحدث عنها أبدًا. حبه يسحق بلا رجعة. لن يرى "ملاكه" مرة أخرى.

كم هو فقير ، عديم اللون حياته! إنه يختنق في عالم صغير خانق ، أصبح عالمه من الآن فصاعدًا. الانضباط المدرسي والدراسة المنتظمة والرتيبة في نفس الساعات تتعارض مع طبيعته وتضطهده. إنه يعاني ، غير قادر على التعود على الروتين الدقيق الثابت مرة واحدة للجميع. لكنه لا ينوي التمرد. مليئًا بالتواضع الحزين ، ينغمس في تأملات قاتمة في الضباب الإنجليزي. هذا الضباب ، الذي يبدو أن العالم المحيط به قد تلاشى ، يشجعه على التركيز على نفسه ، على جرح قلبه. على مكتبه ، بجانب الكتاب المقدس ، توجد شواهد القبور لبوسيه. تتغير نبرة رسائله إلى ثيو تدريجياً. لقد عانى الكثير من الإخفاقات في حياته لدرجة أنه لا يزال يتحدث مع أخيه كشيخ لأخيه الأصغر. انها تمطر. يغطي ضوء مصابيح الشوارع الأرصفة الرطبة بطلاء فضي. عندما يكون الطلاب صاخبين للغاية ، يُتركون بدون خبز وشاي ويتم إرسالهم إلى الفراش. "إذا رأيتهم في تلك اللحظة ، وهم يتشبثون بالنافذة ، ستظهر أمامك صورة حزينة للغاية." حزن هذه المنطقة يتخلل كيانه كله. إنه أقرب إلى مزاج أفكاره ويوقظ فيه حزنًا غامضًا. ديكنز وجورج إليوت بكتاباتهما الحساسة تدفعه لقبول هذا التواضع البائس ، حيث تندمج التقوى مع الرحمة. يكتب فينسينت إلى Brother ، "في المدن الكبرى ، ينجذب الناس بشدة إلى الدين. يمر العديد من العمال والموظفين بفترة فريدة من الشباب التقوى الجميل. دع الحياة في المدينة تأخذ أحيانًا ندى الصباح الباكر من الشخص ، لكن الرغبة في نفس القصة القديمة القديمة لا تزال قائمة - بعد كل شيء ، سيبقى ما يكمن في الروح في الروح. تصف إليوت في أحد كتبها حياة عمال المصانع الذين اتحدوا في مجتمع صغير والعبادة في الكنيسة الصغيرة الموجودة في Lantern Yard ، وهي كما تقول ، "مملكة الله على الأرض - لا أكثر ولا أقل" .. . عندما يندفع الآلاف من الناس إلى الدعاة ، يكون هذا مشهدًا مؤثرًا حقًا ".

في يونيو ، نقل القس ستوكس مؤسسته إلى إحدى ضواحي لندن - Isleworth ، على نهر التايمز. لقد خطط لإعادة تنظيم المدرسة وتوسيعها. كان من الواضح أن هذه الخطة تم إنشاؤها من الاعتبارات المالية. جاءت الرسوم الدراسية الشهرية ضيقة. عادة ما يكون آباء طلابه من الحرفيين المتواضعين ، وأصحاب المتاجر الصغيرة ، المتجمعين في الأحياء الفقيرة في وايت تشابل ، ويعيشون إلى الأبد تحت نير الديون المتأخرة والمساهمات. لقد أرسلوا أطفالهم إلى القس ستوكس لأنهم لم يكن لديهم الوسائل لإرسالهم إلى مكان آخر. عندما توقفوا عن دفع الرسوم الدراسية ، حاول القس ستوكس التفكير معهم. إذا لم يستطع الحصول على بنس واحد منهم ، فإنه لا يريد أن يضيع الوقت والجهد ، ويطرد أطفالهم من المدرسة. هذه المرة ، ترك القس ستوكس مهمة عدم الشكر المتمثلة في الالتفاف على الوالدين وتحصيل الرسوم الدراسية.

وهكذا ذهب فينسنت إلى لندن. جمع المستحقات المتأخرة ، شق طريقه حول الشوارع القذرة في الطرف الشرقي ، واحدة تلو الأخرى ، بأكوام من المنازل الرمادية المنخفضة وشبكة كثيفة من الأزقة القذرة التي تمتد على طول رصيف الميناء ويسكنها أناس بائسون وفقراء. علم فينسنت بوجود هذه الأحياء الفقيرة من الكتب - بعد كل شيء ، تم وصفها بالتفصيل من قبل ديكنز. لكن الصورة الحية للفقر البشري صدمته أكثر بكثير من كل الروايات الفيكتورية مجتمعة ، لأن فكاهة الكتاب ، وشعر البراءة المتواضعة ، لا ، لا ، نعم ، تثير الابتسامة ، وتنير الظلام بشعاع ذهبي. ومع ذلك ، في الحياة - كما هي ، التي تم اختزالها إلى أبسط جوهرها ، وخالية من الزخارف المستعارة من ترسانة الفن ، لا يوجد مكان للابتسامات. انتقل فينسنت. طرق على أبواب تجار الخردة وصانعي الأحذية والجزارين الذين باعوا اللحوم في الأحياء الفقيرة المحلية التي لا يرغب أحد في لندن في شرائها. بعد أن فوجئ بوصوله ، قام العديد من الآباء بسداد ديونهم الطلابية. هنأه القس ستوكس على نجاحه.

لكن التهنئة سرعان ما انتهت.

بالعودة إلى والديه المدينين ، لم يجلب فينسنت شلنًا واحدًا لستوكس. لم يكن يفكر كثيرًا في مهمته بقدر ما كان يفكر في الفقر ، والذي كان واضحًا في كل مكان. لقد استمع بتعاطف إلى القصص ، سواء كانت صحيحة أو خاطئة ، التي حاول بها مدينون القس ستوكس تحريكه من أجل تأخير دفع المبلغ. كانوا قادرين على القيام بذلك دون صعوبة. كان فينسنت مستعدًا للاستماع إلى أي حكايات - مثل هذه الشفقة اللامحدودة على الناس اندلعت في قلبه على مرأى من الأحياء الفقيرة بلا هواء ، بدون ماء ، رائحة عفونة ، محرومة من الضوء ، أكواخ ، حيث يتجمع سبعة أو ثمانية أشخاص يرتدون الخرق. كل غرفة. لقد رأى أكوامًا من المنحدرات تتكدس في الشوارع النتنة. لم يكن في عجلة من أمره للخروج من هذا العباءة. "حسنًا ، هل تؤمن بالجحيم الآن؟" سأل كارلايل إيمرسون بعد اصطحابه إلى وايت تشابل. ساد المرض والسكر والفجور في مسكن كل الرذائل ، حيث دفع المجتمع الفيكتوري المنبوذين. في الأوكار النتنة ، أي منازل المسكن ، على القش ، على كومة من الخرق ، ينام الأشخاص المؤسفون ، الذين لم يكن لديهم حتى ثلاثة شلن في الأسبوع لاستئجار قبو. تم جمع الفقراء في دور العمل ، وهي سجون قاتمة بشكل لا يمكن تصوره. قال كارلايل بسخرية مريرة إن هذا "الاختراع بسيط مثل كل الاكتشافات العظيمة". - يكفي خلق ظروف جهنميّة للفقراء ، وسيبدأون في الزوال. هذا السر معروف لجميع صائدي الفئران. قد يكون التدبير الأكثر فعالية هو التعرف على استخدام الزرنيخ.

الله! الله! ماذا فعلوا بالرجل! فينسنت ينتقل. عذاب هؤلاء الناس يشبه عذابه هو نفسه ، يشعر بحزنهم بهذه الحدة ، وكأنه أصابه هو. ليست الرحمة هي التي تجذبه إليهم ، بل شيء أعظم بما لا يقاس ؛ إنه ، بالمعنى الأكثر دقة وكاملة للكلمة ، حب جبار طغى على كيانه كله وهزّه. مذل ، غير سعيد ، من صميم قلبه مع أكثر الناس بؤسًا ، وأكثرهم فقرًا. يتذكر والده ، ويتذكر الكلمات التي كان يرددها كثيرًا أثناء الخدمة: "حقًا ، أقول لك إن العشارين والعاهرات يذهبون إلى ملكوت الله أمامك." تبدو سطور الإنجيل وكأنها توكسين في روحه المضطربة ، جائعًا للفداء. هذه الروح المعاناة ، التي تستجيب على الفور لأي ظاهرة في الحياة ، مستعدة للتعاطف بإخلاص مع الناس والأفعال ، تعرف حبًا واحدًا. رفض الجميع حب فينسينت. حسنًا ، سيقدمها كهدية لهؤلاء التعساء ، الذين ينجذب إليهم من خلال القرعة المشتركة - الفقر ، والحب الذي رفضه مرات عديدة ، والإيمان الديني. سوف يجلب لهم كلمات الأمل. سوف يسير على خطى والده.

بالعودة إلى Isleworth إلى القس ستوكس ، الذي يتطلع إلى وصوله ، يخبر فينسينت ، تحت تأثير ما رآه حزنًا ، القس عن رحلته المأساوية عبر وايت تشابل. لكن القس ستوكس لا يفكر إلا في شيء واحد - المال. كم من المال تم جمعه؟ يبدأ فينسنت الحديث عن حزن العائلات التي زارها. مجرد التفكير في مدى تعاسة هؤلاء الناس بلا حدود! لكن القس ستوكس قاطعه طوال الوقت: ماذا عن المال ، كم من المال جلبه فينسنت؟ هذه الحياة الرهيبة التي عاشها هؤلاء الناس ، مثل هذه المصائب! .. الله ، الله ، ماذا فعلوا للإنسان! لكن القس مازال يردد له: والمال أين المال؟ لكن فينسنت لم يحضر شيئًا. هل يعقل أن نطالب بنوع من المال من هؤلاء التعساء؟ كيف عاد بدون نقود؟ القس ستوكس بجانب نفسه. حسنًا ، رائع ، إذا كان الأمر كذلك ، فسوف يرمي على الفور هذا المعلم الذي لا قيمة له خارج الباب.

ماذا يهم أنه طرد! من الآن فصاعدًا ، ينتمي فينسنت إلى شغفه الجديد بالجسد والروح. كن فنانا كما نصحه ثيو؟ لكن فينسنت يعاني بشدة من الندم بحيث لا يتبع سوى أذواقه وميوله. يهمس بهدوء في نفسه: "لا أريد أن أكون ابن العار". يجب أن يكفر عن ذنبه ، ويعاقب على الحزن الذي تسبب فيه لوالده. لكن ألن يكون أفضل فداء إذا اتبع خطى والده؟ كان فينسنت يفكر في أن يصبح واعظًا للإنجيل لفترة طويلة. كانت هناك مدرسة أخرى في Isleworth ، يرأسها قس ميثودي يدعى جونز. عرض فينسنت خدماته عليه وقبله في الخدمة. كما هو الحال في مدرسة Stokes ، يجب أن يتعامل مع الطلاب ، ولكن الشيء الرئيسي هو مساعدة القس أثناء خدمة الكنيسة ، ليكون ، كما كان ، مساعدًا للواعظ. فنسنت سعيد. تحقق حلمه.

انغمس في العمل بشكل محموم. واحدًا تلو الآخر ، قام بتأليف خطب ، والتي تشبه أحيانًا بشكل مفاجئ تعليقًا إنجيليًا مطولًا على صورة معينة. كان لديه نزاعات لاهوتية لا تنتهي مع جونز ، ودرس الأناشيد الليتورجية. سرعان ما بدأ هو نفسه في الوعظ. لقد بشر بالإنجيل في ضواحي مختلفة من لندن - في بيترشام وتورنهام جرين وغيرهما.

لم يستطع فينسنت التباهي بالبلاغة. لم يكن قد ألقى خطابًا عامًا من قبل ولم يكن مستعدًا له. ولم يكن يتحدث الإنجليزية بطلاقة. لكن فينسنت استمر في الكلام ، محاولًا التغلب على عيوبه ، واعتبرها فقط بمثابة اختبار آخر أرسل إليه من أجل مزيد من التواضع. لم يشفق على نفسه. كان يقضي ساعات فراغه في الكنائس - الكاثوليكية والبروتستانتية والمعابد اليهودية - بغض النظر عن اختلافاتهم ، راغبًا في كلمة الله الواحدة ، مهما كان شكلها. هذه الاختلافات - وهي ثمرة عجز الإنسان عن معرفة الحقيقة المطلقة - لا يمكنها أن تهز إيمانه. قال السيد المسيح ، "اترك كل شيء واتبعني". ومرة أخرى: "وكل من يترك بيوتًا ، أو إخوة ، أو أخوات ، أو أبًا ، أو أمًا ، أو زوجة ، أو أطفالًا ، أو أرضًا من أجل اسمي ، سيحصل على مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية". ذات مرة ، ألقى فينسنت ساعته الذهبية وقفازاته في كوب الكنيسة. قام بتزيين جدران غرفته الصغيرة بالنقوش بروح هواية جديدة: هذه "الجمعة العظيمة" وبجانبها "عودة الابن الضال" و "المسيح المعزي" و "الزوجات المقدسات قادمون إلى القبر المقدس ".

بشر فينسنت بتعاليم المسيح: "طوبى للذين يحزنون ، فإنهم يتعزون". أقنع عمال لندن أن الحزن أفضل من الفرح. الحزن خير من الفرح. بعد أن قرأ من ديكنز وصفًا مثيرًا لحياة الناس في مناطق الفحم ، اشتعلت النيران بحلم أن يجلب كلمة الله إلى عمال المناجم ، ليكشف لهم أنه بعد الظلام يأتي النور: ما بعد tenebras lux. لكن قيل له إنه لا يمكن للمرء أن يصبح واعظًا بالإنجيل في حقل الفحم إلا بعد بلوغه سن الخامسة والعشرين.

لم يدخر فينسنت قوته ، وأكل باعتدال ودائمًا على عجل ، وقضى أيامه في الصلاة والعمل ، وفي النهاية ، لم يكن قادرًا على تحمل ذلك ، مرض. لقد قبل هذا المرض بحماس ، معتقدًا ، مثل باسكال ، أنه "الحالة الطبيعية للإنسان". الحزن خير من الفرح. "أن تكون مريضًا ، مدركًا أن يد الرب تدعمك ، وتحمل في روحك تطلعات وأفكارًا جديدة لا يمكننا الوصول إليها عندما نكون بصحة جيدة ، لتشعر كيف في أيام المرض أن إيمانك ينفجر ويزداد قوة ، - حقًا ، هذا ليس سيئًا على الإطلاق "، يكتب. "التي يتعذر الوصول إليها عندما نكون بصحة جيدة" - تخبر الغريزة فينسنت أن الشخص الذي يطمح إلى ارتفاعات الروح لا يجب أن يخاف من الطرق غير العادية ، وأن يهب نفسه تمامًا للقضية المختارة.

لكنه منهك تمامًا. ثم جاء عيد الميلاد مرة أخرى. عاد فينسنت إلى هولندا.

لم يكن قس إتن ، وزير حق الله المسالم ، خائفًا قليلاً من رؤية ابنه ، الذي عاد من إنجلترا بملابس الكويكر ، شاحبًا ، هزيلًا ، بعيون محترقة محموم ، مهووس بالتصوف العنيف ، يتجلى في كل إيماءة له ، كل كلمة. بالنسبة لسكان منزل فقير ولكنه حقًا حقًا ، يبدو حب فينسنت العاطفي لمنبوذين من وايت تشابل وإخوانهم أمرًا سخيفًا على أقل تقدير. هذا الحب لله ، المُعبَّر عنه بعنف شديد ، هذا التعاطف مع الناس ، ونسخًا حرفيًا لوصايا الإنجيل ، يسبب قلقًا عميقًا لدى الراعي.

على الرغم من أن العم القديس أعلن أنه لم يعد ينوي رعاية ابن أخيه بعد الآن ، إلا أنه بسبب يأسه ، التفت إليه القس مرة أخرى متوسلاً للمساعدة. يجب ألا يعود فينسنت إلى إنجلترا. غاضبًا ومكررًا بلا كلل أنه لن يأتي شيء جيد لفنسنت على أي حال ، استسلم العم سانت لإصرار أخيه. إذا أراد فينسنت ، يمكنه أن يصبح كاتبًا في مكتبة براام وبلويسي في دوردريخت. لقد كان مشغولًا بالكتب كثيرًا في حياته لدرجة أنه ، يجب على المرء أن يفكر ، سيتعين عليه الذهاب إلى المحكمة دون أي جهد خاص من جانبه.

وافق فينسنت. ليس لأنه كان مقتنعا بتوبيخ أحبائه. بعيد عنه. لقد اعتقد فقط أنه ، عندما يصبح كاتبًا لبيع الكتب ، سيكون قادرًا على سد الثغرات في معرفته ، وقراءة الكثير من الكتب - الفلسفية واللاهوتية ، التي لم يكن قادرًا على شرائها.

تعتبر دوردريخت ، وهي ميناء نهري صغير وحيوي بشكل غير عادي في جنوب هولندا ، واحدة من أقدم المدن في هولندا. وفقًا للسجلات التاريخية ، تعرضت في القرن التاسع لغارات من قبل النورمان. حول البرج القوطي المربع الضخم ، الذي تنتشر فيه الغربان ، تم تشكيل Hrote kerk الشهير ، على طول الأرصفة والأرصفة ، والمنازل المبهجة ذات الأسقف الحمراء والتلال التي لا غنى عنها في الأعلى. تحت سماء Dordrecht المشرقة ، ولد العديد من الفنانين ، ومن بينهم Cuyp هو أحد أفضل رسامي المدرسة الهولندية.

أصبح ظهور فينسنت ، الذي لم يرغب في التخلي عن ملابسه من كويكر ، ضجة كبيرة في دوردريخت. حبه للناس لا حدود له حقًا ، مثل حبه لله ، كما في السابق حبه لأورسولا. لكن كلما كان هذا الحب أقوى ، زاد شغفه الجامح ، اتسعت الهاوية ، مما يفصله عن الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى إنكار الذات على الإطلاق ، وفي نباتاتهم غير المجنحة ، يدعون فقط طريقة مقبولة للعيش ، تم تحقيقها على حساب التنازلات والتسويات. لكن فينسنت لم يلاحظ هذه الهاوية. لم يفهم أن عواطفه ودوافعه التي لا تقاوم حُكم عليه بمصير منفى منعزل لا يفهمه أحد. سخروا منه.

سخر موظفو المكتبة من الوافد الجديد الكئيب الكئيب ، الذي لم يبد أي اهتمام بالتداول ، ولكنه كان مهتمًا فقط بمحتويات الكتب. سخر الشباب من سكان المنزل الداخلي في Tolbruchstraatje بالقرب من ضفاف نهر الميز ، حيث استقر فينسنت ، من أسلوب الحياة الزاهد. > هذا الرجل البالغ من العمر 23 عامًا الذي ، مثل. ذات مرة كتب أخته ، "مندهش تمامًا من التقوى".

لكن السخرية لم تحرك فينسنت. ثابر على طريقته. إنه ليس من أولئك الذين يتعاملون بأطراف أصابعه ويهتمون بنفسه وبالآخرين. مهما كانت المهمة التي يكرس نفسه لها ، فلن يتوقف في منتصف الطريق ، ولن يكون راضيا عن بديل. بفضل مجاملة صاحب المتجر ، الذي عامله بفضول محترم ، تمكن من الوصول إلى قسم الإصدارات النادرة. قرأ كتابا تلو الآخر. في محاولة للتعمق في معنى الأسطر التوراتية ، بدأ في ترجمتها إلى جميع اللغات المعروفة له ، ولم يفوت أي خطبة ، بل انخرط في الخلافات اللاهوتية التي أزعجت بعض سكان دوردريخت. لقد أمات جسده ، محاولًا أن يعتاد على المصاعب ، ومع ذلك لم يكن قادرًا على الإقلاع عن التبغ ، الغليون ، الذي أصبح رفيقه الدائم منذ فترة طويلة. بمجرد وصوله إلى دوردريخت ، عندما غمرت المياه العديد من المنازل ، بما في ذلك محل لبيع الكتب ، فاجأ هذا الشاب الغريب الأطوار ، المعروف باسم الإنسان الكراهية ، الجميع بتفانيه وتحمله وطاقته وقدرته على التحمل: لقد أنقذ عددًا كبيرًا من الكتب من الفيضان.

للأسف ، لم يكاد فينسينت يقود الشركة مع أي شخص. كان الشخص الوحيد الذي تعامل معه هو المعلم الذي يُدعى جورليتز ، والذي كان يعيش في نفس المنزل الداخلي. صدمه عقل فينسنت الرائع ، ونصحه بمواصلة تعليمه والحصول على دبلوم في اللاهوت. هذا بالضبط ما كان يفكر فيه فينسينت نفسه. يكتب إلى الأخ ثيو: "بسبب ما رأيته في باريس ولندن ورامسغيت وإيزلوورث ، فأنا منجذب إلى كل ما هو كتابي. أريد أن أريح الأيتام. أعتقد أن مهنة الفنان أو الفنان جيدة ، لكن مهنة والدي أكثر تقوى. أود أن أكون مثله ". هذه الكلمات ، تتكرر هذه الأفكار في رسائله وكأنها لازمة مستمرة. "أنا لست وحدي ، لأن الرب معي. اريد ان اكون كاهنا كاهن ، مثل والدي ، جدي ... "

على جدران غرفته تتدلى بجانب نقوش رسوماته الخاصة. في رسائل إلى ثيو ، يصف المناظر الطبيعية لدوردريخت ، مسرحية الضوء والظل ، مثل فنان حقيقي. يزور المتحف. لكن في أي صورة ، ينجذب بشكل أساسي إلى المؤامرة. لذلك ، على سبيل المثال ، الصورة الضعيفة لآري شيفر ، رسام المدرسة الرومانسية وأحد سكان دوردريخت ، "المسيح في حديقة الجثسيماني" - وهي صورة لأكثر الأساليب شذوذًا ومبنية على نحو لا يطاق - تسبب له بهجة كبيرة. قرر فينسنت أن يصبح كاهنًا.

في إحدى الأمسيات شارك خططه مع اللورد برام. لقد قابل اعتراف خادمه ببعض الشك ، مشيرًا إلى أن ادعاءاته ، في الواقع ، متواضعة للغاية: سيكون فينسنت مجرد قس عادي ، ومثل والده ، سيدفن مواهبه في قرية غامضة برابانت. انزعج فينسنت من هذه الملاحظة. صاح قائلاً: "وماذا في ذلك؟ أبي موجود في مكانه! إنه راعي النفوس البشرية التي أوكلت إليه أفكارها! "

على مرأى من هذا التصميم الواضح والحازم ، فكر القس إيتن. إذا قرر ابنه في الواقع أن يكرس نفسه لخدمة الله ، ألا يجب أن نساعده على الدخول في الطريق الذي اختاره؟ ربما هو حقًا الشيء الأكثر منطقية لدعم تطلعات فينسنت؟ مهنة جديدة ستجبره على كبح نظرته المثالية غير المتسقة ، والعودة إلى وجهات نظر أكثر رصانة. هذه المهنة ، المليئة بالنبل وإنكار الذات ، من خلال إعادته إلى حضن الإيمان الأرثوذكسي ، ستكون قادرة على إخماد اللهب الذي يلتهمه بجرعة قوية من الهدوء والاعتدال الهولندي. مرة أخرى ، دعا القس تيودور فان جوخ مجلس العائلة.

"ليكن! قرر المجلس. "دع فينسنت يحصل على التعليم ويصبح قسيسًا بروتستانتيًا."

قرروا إرساله إلى أمستردام ، حيث كان من المقرر أن يأخذ دورة تحضيرية واجتياز امتحانات القبول ، والتي ستسمح له لاحقًا بالحصول على دبلوم في اللاهوت. سيوفر له عمه ، نائب الأدميرال يوهانس ، الذي تم تعيينه في عام 1877 مديرًا لحوض بناء السفن البحري في أمستردام ، مأوى وطاولة.

في 30 أبريل ، غادر فينسنت مكتبة برام وبلويسي. وصل إلى دوردريخت في 21 يناير ، قبل أكثر من شهرين. في إحدى رسائله الأولى من هناك ، صرخ قائلاً: "يا أورشليم! يا اورشليم! أو بالأحرى يا Zundert! " أي حزن غامض يسكن في هذه الروح المضطربة ، التي تلتهمها شعلة العواطف القوية؟ هل تتحقق تطلعاته أخيرًا ، هل سيجد تطلعاته؟ ربما وجد أخيرًا الطريق إلى الخلاص والعظمة - وهو إنجاز يتناسب مع الحب الجبار الذي يقضمه؟

رابعا. حامي عمال المناجم

اريد ان ارى الناس من حولي

تغذية جيدة ، ومعتنى بها ، مع نوم عميق.

ويبدو أن كاسيوس هذا جائع:

يفكر كثيرا. مثل

شكسبير ، يوليوس قيصر ، الفصل 1 ، المشهد الثاني

عند وصوله إلى أمستردام في أوائل شهر مايو ، بدأ فينسنت دراسته على الفور ، والتي كان من المقرر أن يفتح لها بعد عامين أبواب المدرسة اللاهوتية. بادئ ذي بدء ، كان من الضروري دراسة اليونانية واللاتينية. بدأ الحاخام الشاب مينديز دا كوستا ، الذي كان يعيش في الحي اليهودي ، في إعطاء دروس لفنسنت. تولى القس ستريكر ، أحد إخوة والدته ، الإشراف على الدورة.

كما هو متفق عليه ، استقر فينسنت مع عمه نائب الأدميرال يوهانس. في هذه الأثناء ، بالكاد التقيا بعضهما البعض. ما الذي يمكن أن يشترك فيه فينسنت ، الذي تلتهمه المشاعر ، مع شخصية مرموقة ، راكدًا في زيه العسكري معلقًا بالأوامر ومع الالتزام بالمواعيد الصارمة وهو يراقب جدول الحياة الذي تم تحديده مسبقًا بأدق التفاصيل منذ فترة طويلة؟ من الصحيح أيضًا أن مثل هذا الضيف غير العادي لم يتم استقباله أبدًا في منزل مدير حوض بناء السفن. وافق نائب الأدميرال على استيعاب ابن أخ غريب الأطوار هذا فقط احتراما لتقاليد الأسرة ، لكنه أراد أن يحدد بشكل واضح المسافة بينهما ، ولم يجلس مع فينسنت على الطاولة. دع ابن الأخ يرتب حياته كما يعلم. نائب الأدميرال على أي حال لا يهتم به إطلاقا!

ومع ذلك ، فإن لدى فينسنت مخاوف أخرى.

في حياة فان جوخ ، يؤدي حدث ما حتمًا إلى آخر. الى أين هو ذاهب؟ لم يكن بإمكانه قول ذلك بنفسه. فينسنت ليس مجرد شخص عاطفي - إنه شغوف بحد ذاته. الشغف الذي يلتهمه يوجه حياته ، ويخضعها لمنطقها الغريب الذي لا يرحم. مع كل ماضيه ، لم يعد فينسنت بأي حال من الأحوال للدراسات الأكاديمية. سيكون من الصعب العثور على أي شيء غريب ومثير للاشمئزاز لطبيعة فينسنت أكثر من هذه المحاكمة غير المتوقعة التي فرضها عليه منطق حياته. إنه تجسيد اللطف والاندفاع والحب ؛ إنه يحتاج إلى أن يهب نفسه للناس كل ساعة وكل دقيقة ، لأنه متأثر في أعماق روحه بآلام البشرية - معاناته. وهذا فقط لأنه يريد الوعظ ، لمساعدة الناس ، ليكون رجلاً بين الناس ، كان محكومًا عليه بدراسة علم جاف غير مثمر - اليونانية واللاتينية. أجرى هذا الاختبار ، كما لو كان يتحدى طبيعته ، واندفع لاقتحام حكمة المدرسة. ومع ذلك ، سرعان ما أصبح مقتنعًا أن الطبقات فقط اضطهدته وأرهقته. كتب وهو يتنهد لأخيه: "العلم ليس سهلاً ، أيها الرجل العجوز ، لكن عليّ المثابرة".

"البقاء على قيد الحياة ، لا تتراجع!" كرر على نفسه كل يوم. بغض النظر عن كيف تمردت طبيعته ، فقد تغلب على نفسه وعاد بعناد إلى الانحرافات والتصريفات والشروح والتأليفات ، وغالبًا ما كان يجلس فوق الكتب حتى منتصف الليل ، محاولًا في أقرب وقت ممكن التغلب على العلم الذي منع طريقه إلى الناس - العلم ، الذي بدونه لا يقدر ان يحمل لهم كلمة المسيح.

"أكتب كثيرًا ، وأدرس كثيرًا ، لكن التعلم ليس بالأمر السهل. أتمنى لو كنت أكبر بعامين بالفعل ". إنه يرزح تحت عبء المسؤولية الثقيلة: "عندما أعتقد أن أعين الكثير من الناس تنظر إلي ... الناس الذين لن يغمروني باللوم المعتاد ، ولكن ، كما هو الحال ، سيقولون بالتعبير عن الوجوه: "لقد دعمناكم ؛ لقد فعلنا كل ما في وسعنا من أجلك ؛ هل جاهدت من أجل الهدف من كل قلبك ، أين ثمار أعمالنا وأجرنا الآن؟ .. عندما أفكر في كل هذا وأشياء أخرى كثيرة من نفس النوع ... أريد ترك كل شيء! ومع ذلك فأنا لا أستسلم ". ويعمل فينسنت ، دون أن يدخر نفسه ، محاولًا الخوض تمامًا في الكتب المدرسية الجافة ، والتي لا يمكنه من خلالها استخلاص أي شيء يستحق العناء لنفسه ، فهو غير قادر على التغلب على إغراء فتح كتب أخرى أيضًا ، وخاصة أعمال الصوفيين - على سبيل المثال ، تقليد المسيح. اندفاع عالٍ ، إنكار كامل للذات ، حب منتصر لله وللناس - هذا ما يأسره ، متعبًا من التكديس الرتيب بلا روح. رفض الوردية أو الوردية أو المرافقة (باليونانية) عندما يهتز العالم من النحيب! غالبًا ما يزور الكنائس مرة أخرى - الكاثوليكية والبروتستانتية والمعابد اليهودية ، في جنونه الذي لا يلاحظ الاختلافات بين الطوائف ، يرسم مسودات الخطب. إنه يستطرد باستمرار من اليونانية واللاتينية. الأفكار والمشاعر تغرق في روحه وتمزقها. "دروس اليونانية (في قلب أمستردام ، في قلب الحي اليهودي) في يوم صيفي شديد الحرارة وخانق ، عندما تعلم أن العديد من الاختبارات الصعبة تنتظرك من أساتذة متمرسين وذوي خبرة عالية - فهذه الدروس أقل جاذبية بكثير من حقول القمح في برابانت ، أعتقد أنها رائعة في يوم مثل هذا ، "يتنهد في يوليو. كل شيء حوله يثيره ويشتت انتباهه. الآن لم يعد يقرأ الصوفيين فقط: عاود تاين وميشليه الظهور على مكتبه. وأحيانًا ... يعترف لثيو: "يجب أن أخبرك بشيء واحد. أنت تعلم أنني أريد أن أصبح كاهنًا مثل والدنا. ومع ذلك - إنه أمر مضحك - أحيانًا ، دون أن ألاحظ ذلك ، أرسم أثناء الفصل ... "

إنها أقوى منه - الحاجة إلى عكس الواقع ، للوصول إلى جوهر معناه ، للتعبير عن نفسه من خلال الضربات التي يرسمها على عجل أثناء جلوسه في الدروس. يعتذر لأخيه أنه استسلم للإغراء ، ويعتذر عن اهتمامه بالرسم ويحاول على الفور تبرير نفسه: "إلى رجل مثل والدنا ، الذي سارع في كثير من الأحيان ، ليل نهار ، حاملا فانوس في يديه إلى مريضًا أو محتضرًا لإخباره عن توم ، الذي تعتبر كلمته شعاعًا من الضوء في ظلمة المعاناة والخوف من الموت ، فمن المؤكد أن مثل هذا الشخص كان سيحب بعض رسومات رامبرانت ، مثل "الرحلة إلى مصر" أو "The Flight to Egypt" القبر ".

الرسم بالنسبة لفنسنت ليس فئة جمالية فقط وليس بدرجة كبيرة. إنه يعتبرها في المقام الأول وسيلة للمشاركة والمشاركة في الألغاز التي تم الكشف عنها للصوفيين العظام. يحتضن المتصوفة العظماء قوة إيمانهم ، الرسامين العظماء بقوة فنهم. لكن لديهم هدف واحد. الفن والإيمان - على عكس المظاهر الخاطئة - هما فقط طريقتان مختلفتان لمعرفة الروح الحية للعالم.

ذات يوم ، في يناير 1878 ، سأل العم كورنيليوس مارينوس فينسنت عما إذا كان يحب فراين جيروم. أجاب فينسينت "لا". "ما معنى جسد فريني الجميل؟" إنها مجرد قشرة فارغة. الملاهي الجمالية لا تجذب فنسنت. مع كل جمالها الخارجي ، فهي خفيفة الوزن ، وبالتالي لا تلمس قلبه. الكثير من القلق والخوف الشديد من الخطايا الغامضة استولى على ذهنه ، حتى أن البراعة السطحية لمثل هذه اللوحات لا تبدو له بائسة. روح؟ أين الروح هنا؟ إنها الوحيدة التي تهم. ثم سأل العم: ألا ينجذب فينسنت بجمال امرأة أو فتاة؟ أجاب لا. إنه يفضل أن ينجذب إلى امرأة قبيحة أو عجوز أو فقيرة أو غير سعيدة لسبب أو لآخر ، لكنها وجدت الروح والعقل في تجارب الحياة وأحزانها.

روحه مثل الجرح المفتوح. أعصابه متوترة إلى أقصى حد. منهكًا ، يواصل المهن التي قضى بها على نفسه ، لكنه يدرك جيدًا أن هذه ليست دعوته. يتعثر مرارًا وتكرارًا في الطريق الصعب الذي اختاره لنفسه ، ويسقط وينهض مرة أخرى ، ويتأرجح في خوف ويأس وضباب. واجبه تجاه نفسه وتجاه عائلته هو التغلب على اليونانية واللاتينية ، لكنه يعرف بالفعل أنه لن يحقق ذلك أبدًا. مرة أخرى - للمرة الألف! - سيحزن والده الذي صدقه ، الذي أراد أن يسير على خطاه في كبريائه. لن يكفر أبدًا عن ذنبه ، ولن يعرف أبدًا فرحة "التخلص من الشوق اللامحدود الناجم عن انهيار جميع التعهدات". لا ، لن يستسلم بهذه السهولة ، ولن يدخر الجهد - أوه لا! - لكنها عبثية ، كما هو الحال دائمًا.

ليلا ونهارا ، في أي وقت من اليوم ، يتجول فينسنت حول أمستردام ، على طول شوارعها القديمة الضيقة ، على طول القنوات. روحه مشتعلة ، وعقله مليء بالأفكار المظلمة. يقول في إحدى الرسائل: "تناولت الإفطار مع قطعة من الخبز الجاف وكوب من البيرة". "يوصي ديكنز بهذا العلاج لجميع الذين يحاولون الانتحار كطريقة أكيدة للابتعاد عن نيتهم لبعض الوقت."

في فبراير ، جاء والده لزيارته لفترة قصيرة ، ثم شعر فينسنت بالندم والحب بقوة متجددة. انتابته عاطفة لا توصف عندما رأى القس الشيب ، مرتديًا حلة سوداء أنيقة ، بلحية مشطوفة بعناية ، يبرزها الجزء الأمامي الأبيض من قميصه. أليس فينسينت مذنباً بالتحول إلى اللون الرمادي وتخفيف شعر والده؟ أليس هو سبب تجعد جبين أبيه؟ لم يستطع أن ينظر دون ألم إلى وجه والده الشاحب ، حيث تتألق عيون الوديعة اللطيفة ببراعة ناعمة. "بعد أن رافقت Pa إلى المحطة ، اعتنيت بالقطار حتى اختفى عن الأنظار وتبدد دخان المحرك ، ثم عدت إلى غرفتي ورأيت هناك كرسيًا كان Pa قد جلس فيه مؤخرًا على المنضدة ، حيث كانت الكتب والمذكرات بالأمس موجودة ، كنت مستاءً كطفل ، على الرغم من أنني كنت أعرف أنني سأراه قريبًا مرة أخرى.

عاتب فينسنت نفسه على غيابه المتكرر عن الفصول الدراسية ، لأنه لم يحصل إلا على فائدة قليلة جدًا من دراسة الموضوعات التي كانت غير مهمة وغير ضرورية له ، مما زاد من الشعور بالذنب في روحه ، وأدى إلى تفاقم يأسه. كتب بلا كلل إلى ثيو ، والده ووالدته. حدث أن يتلقى الوالدان منه عدة رسائل في اليوم. هذا الانتقاد الرسولي ، هذه الصفحات التي تحتوي على عبارات خرقاء وعصبية ، نصفها لا يمكن فهمها ، حيث في النهاية اندمجت السطور بشكل ميؤوس منه ، كانت مصدر قلق عميق للوالدين - في كثير من الأحيان لم يتمكنوا من النوم طوال الليل ، يفكرون في هذه الرسائل المزعجة ، يخونون يأس ابنهم. تم التغلب عليهم بمشاعر سيئة. لقد مرت عشرة ، لا ، أحد عشر شهرًا منذ أن درس فينسنت في أمستردام. ماذا يحدث له؟ ماذا لو أخطأ مرة أخرى - وللمرة الألف - في دعوته؟ سيكون محرجا جدا. يبلغ الآن من العمر خمسة وعشرين عامًا. وإذا كان تخمينهم صحيحًا ، فهذا يعني أنه غير قادر بشكل عام على ممارسة الأعمال التجارية بجدية ، وتحقيق مكانة في المجتمع.

مكانة في المجتمع! - هذا أقل ما اعتقده فينسنت عندما قرر أن يصبح قسًا. وإذا سقطت يديه الآن ، فليس ذلك على الإطلاق لأنه لم يفز بمركز قوي ، ولكن لأن العبء الذي حمله على عاتقه سحقه مثل شاهد القبر. غارق في اليأس ، وكان منهكًا من العطش في برية حكمة الكتب ، ومثل أيل ضال لداود ، يئن بحثًا عن مصدر واهب للحياة. حقًا ، ماذا طلب المسيح من تلاميذه - التعلم أم الحب؟ ألم يكن يريدهم أن يشعلوا شعلة الخير في نفوس الناس؟ للذهاب إلى الناس ، والتحدث معهم ، حتى يتصاعد اللهب الضعيف الذي يحترق في قلوبهم إلى شعلة ساطعة - أليس هذا هو أهم شيء في العالم؟ الحب - فقط هي تحفظ وتدفئ! والتعلم الذي تطلبه الكنيسة من كهنتها هو عديم الجدوى وبارد ومحبِط. "طوبى للفقراء بالروح ، لأن لهم ملكوت السموات!" في قلق ومرارة ، منهك بفعل العاصفة الهائجة في قلبه ، يسعى فينسنت بإلحاح وبقلق إلى انا.البحث عن طريق اللمس. تغلب عليه الشكوك ، مؤلمة مثل التشنجات. إنه يعرف شيئًا واحدًا مؤكدًا: يريد أن يكون "رجل حياة روحية داخلية". يتجاهل الاختلافات الموجودة بين الأديان ، ويتجاهل أيضًا تفاصيل الأنواع المختلفة من النشاط البشري ، معتقدًا أنه يحجب الشيء الرئيسي الذي يقوم عليه فقط. وهذا الشيء الرئيسي ، كما يعتقد ، يمكن العثور عليه في كل مكان - في الكتاب المقدس وفي تاريخ الثورة ، في ميشليه ورامبرانت ، في الأوديسة وفي كتب ديكنز. عليك أن تعيش ببساطة ، وتتغلب على الصعوبات وخيبات الأمل ، وتقوي إيمانك ، "الحب قدر الإمكان ، لأن القوة الحقيقية تكمن في الحب فقط ، والشخص الذي يحب الكثير يفعل أشياء عظيمة ويستطيع فعل الكثير ، وماذا يتم مع الحب حسنا ". "فقر الروح" المقدس! من المستحيل السماح بـ "تهدئة حماسة روحك ، ولكن على العكس من ذلك ، من الضروري دعمها" ، لتصبح ، على غرار روبنسون كروزو ، "شخصًا طبيعيًا" ، وهذا ، كما يضيف فينسينت ، "حتى لو انتقلت إلى دوائر متعلمة ، في أفضل مجتمع وتعيش في ظروف مواتية." إنه غارق في الحب ، وحب قوة التطهير العظيمة ، ومعها يحلم بإعطاء الناس الشراب. هل من الممكن أنه لكي يمنح الناس الحب الذي يغمر قلبه ، يجب أن يكون قادرًا بالتأكيد على ترجمة كل هذه العبارات التي تنظر إليه بشماتة من الصفحات الباهتة في كتاب مدرسي؟ لماذا يحتاج هذا العلم غير المجدي وغير المجدي؟

لم يعد بإمكان فينسنت تحملها أكثر ، وفي يوليو ، بعد عام وثلاثة أشهر من وصوله إلى أمستردام ، ترك دراسته - الحكمة الجافة والميتة - وعاد إلى إيتن. لم يُخلق للعمل المكتبي للراعي ، للخدمة الهادئة ، لكل هذه التدريبات غير المثمرة. يحتاج لخدمة الناس ، يحترق ، يجب أن يجد نفسه ، يحترق في هذه النار. هو كل نار - نار له ويكون. لا ، لن يصبح كاهناً. سوف يكرس نفسه لمهمة حقيقية - مهمة حيث يمكنه أن يجد على الفور تطبيقًا لسلطاته. سيكون واعظًا ، وسينقل كلمة الله إلى تلك الأرض السوداء التي كتب عنها ديكنز ، حيث يتربص اللهب في بطن الأرض ، وتحت الصخرة.

إلى أين أنت ذاهب يا فنسنت فان جوخ؟ من أنت يا فنسنت فان جوخ؟ هناك ، في Zundert ، في المقبرة ، يغرد العقعق في أوراق أكاسيا طويلة. أحيانًا تجلس على قبر أخيك.

ما خافه القس وزوجته كثيرًا قد حدث. ومع ذلك ، على مرأى من فينسنت ، شعروا بالحزن بدلاً من الانزعاج. بالطبع ، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة. لكنهم كانوا مستائين أكثر من المظهر البائس لابنهم. قال والده عنه: "إنه يمشي طوال الوقت ورأسه منحني ، ويبحث بلا كلل عن كل أنواع الصعوبات لنفسه". نعم ، هذا صحيح ، بالنسبة لفنسنت لا يوجد شيء سهل ولا يمكن أن يكون. كتب إلى ثيو: "لا يجب أن تبحث عن طرق سهلة للغاية في الحياة". هو نفسه بعيد كل البعد عن ذلك! وإذا غادر أمستردام ، فهذا بالتأكيد ليس فقط لأن العلم الذي أثار اشمئزازه كان صعبًا عليه. كانت هذه الصعوبة ذات طبيعة مادية مبتذلة للغاية. لقد كان مجرد حاجز عادي على الطريق المطروق الذي سارعت الجماهير على طوله طويلا. هذه الصعوبة ليست واحدة من الصعوبات التي لا يمكن التغلب عليها إلا على حساب الحياة ، على حساب تضحية نكران الذات. ومع ذلك ، فإن نتيجة النضال غير مبال. المعركة اليائسة نفسها مهمة. من كل هذه التجارب والهزائم التي تحملها في طريقه ، ترك فينسنت مرارة قاتمة لاذعة ، ربما محنك بشعور جميل بجلد الذات ، وإدراك استحالة الخلاص. "من يحب الله لا يحق له أن يعتمد على المعاملة بالمثل" - العظمة الكئيبة لقول سبينوزا هذا يردد كلمات كالفن القاسية ، والتي دقت في قلب فينسنت دائمًا: "الحزن خير من الفرح".

القس جونز ، نفس الشخص الذي جادل معه فينسنت بشغف حول الموضوعات اللاهوتية خلال الفترة التي قضاها في Isleworth ، عندما بدأ في قراءة عظاته الأولى للعمال الإنجليز ، جاء بشكل غير متوقع إلى Etten. عرض مساعدة فينسنت في تنفيذ خططه. في منتصف يوليو ، بصحبة القس جونز والأب ، سافر فينسنت إلى بروكسل لتقديم نفسه لأعضاء الجمعية الإنجيلية. في بروكسل التقى باستور دي يونغ ، ثم في مالين مع القس بيترسن ، وأخيراً في رويسيلاري مع القس فان دير برينك. أراد فينسنت الالتحاق بمدرسة تبشيرية روحية ، حيث كان الطلاب بحاجة إلى حكمة لاهوتية أقل من الحماس والقدرة على التأثير على أرواح الناس العاديين. هذا هو بالضبط ما أراده. أثبت الانطباع الذي تركه على "هؤلاء السادة" أنه إيجابي إلى حد كبير ، وبعد طمأنته بشكل واضح ، عاد إلى هولندا في انتظار قرارهم.

في إيتن ، مارس فينسنت كتابة الخطب ، أو الرسم ، والنسخ باجتهاد باستخدام "قلم وحبر وقلم رصاص" نقش هذا أو ذاك لجول بريتون ، معجبًا بمشاهده من الحياة الريفية.

أخيرًا ، تم قبوله بشروط في مدرسة القس بوكم التبشيرية الصغيرة في لاكن ، بالقرب من بروكسل. لذلك ، في النصف الثاني من شهر يوليو ، ذهب فينسنت مرة أخرى إلى بلجيكا. هنا سيتعين عليه الدراسة لمدة ثلاثة أشهر ، وبعد ذلك ، إذا رضوا عنه ، فسيتم تحديد موعد له. حكيمًا من خلال التجربة المريرة ، فإن والداه ، اللذان لا يخلوان من الخوف ، قد أعداه لطريق جديد. كتبت الأم: "أنا خائف دائمًا ، من أن فنسنت ، بغض النظر عما يفعله ، سوف يدمر كل شيء لنفسه بغرابة الأطوار ، بأفكاره غير العادية عن الحياة." كانت تعرف ابنها جيدًا ، هذه المرأة التي ورث منها حساسيته المفرطة والنظرة الثابتة للعيون المتغيرة ، والتي غالبًا ما تضيء بنيران غريبة.

وصل فينسينت إلى بروكسل في حالة معنوية عالية. بالإضافة إليه ، لم يكن للراعي بوكم سوى اثنين من التلاميذ الآخرين. غير مهتم تمامًا بمظهره ، كان فينسنت يرتدي ملابس عشوائية ، ويفكر فقط في المهمة التي كرس نفسه لها. ومع كل هذا ، دون أن يعرف ذلك ، أثار مدرسة تبشيرية هادئة. كان خاليًا تمامًا من البلاغة ، وتعرض لضغوط شديدة بسبب هذا النقص. كان يعاني من صعوبة في الكلام ، من ذاكرة سيئة منعه من حفظ نصوص الخطب ، وغضب على نفسه ، وعمل بالقوة ، فقد النوم تمامًا ، وأصبح نحيفًا. كان توتره في ذروته. لم يتسامح مع التعاليم والنصائح جيدًا - على أي ملاحظة يتم الإدلاء بها بنبرة قاسية ، كان رده بانفجار الغضب. غارقة في الدوافع التي لا يستطيع كبحها ، وأعمته هذا العنصر وألقيت به في وسط الناس ، لا يراها ، ولا يريد رؤيتها. إنه لا يعرف أنه من الأفضل البحث عن لغة مشتركة مع الناس من حوله ، وأن الحياة في المجتمع مرتبطة ببعض التنازلات. يُحمل بعيدًا عن طريق زوابع من المشاعر ، يصم آذانه بسبب المسار العاصف لحياته ، إنه يشبه الجدول الذي اخترق سدًا. وفي مدرسة هادئة ، بجانب اثنين من زملائه الطلاب عديمي اللون ، يستعد بجد وتواضع للعمل التبشيري ، سرعان ما يصبح غير مرتاح. إنه يختلف عنهم كثيرًا ، كما لو كان مصبوبًا من عجينة مختلفة - أحيانًا يقارن نفسه بـ "قطة صعدت إلى متجر شخص آخر".

ربما كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يتفق معه "السادة من بروكسل". مرتبكين وغير راضين عن سلوكه ، أعلنوا أن حماسته غير لائقة ، وحماسته تتعارض مع كرامة الكرامة التي يدعيها. أكثر من ذلك بقليل - وسيكتبون إلى قس إيتين ليأخذ ابنه.

هذا العداء ، وهذا التهديد لا يفعل شيئًا لتحسين مزاجه. فينسنت مضطهد بالوحدة ، هذا الأسر الذي تقضي عليه طبيعته أينما ذهب. لا يستطيع الجلوس ساكناً ، لا يمكنه الانتظار لترك المدرسة ، ليتبنى أخيرًا قضية حية بين الناس. إنه يود أن يذهب إلى منطقة الفحم في أسرع وقت ممكن ليحمل كلمة الله لعمال المناجم. في كتاب جغرافي رقيق ، وجد وصفًا لحوض فحم بورينج ، الواقع في هينو ، بين كييفرين ومونس ، بالقرب من الحدود الفرنسية ، وبعد قراءته ، شعر بنفاد صبر متحمس. إن توتره هو مجرد ثمرة عدم الرضا وعدم الرضا عن نفسه والآخرين ، وهي مهنة غامضة وفي نفس الوقت مستبدة.

في تشرين الثاني (نوفمبر) ، أرسل لأخيه رسمًا ، ميكانيكيًا تقريبًا ، لحانة في لاكن.

كانت الحانة تسمى "في المنجم" ، وكان صاحبها يتاجر أيضًا في فحم الكوك والفحم. ليس من الصعب فهم الأفكار التي استيقظت في روح فنسنت عند رؤية هذا الكوخ الكئيب. حاول بشكل أخرق ، ولكن بجد ، إعادة إنشائه على الورق ، مع الاحتفاظ بكل التفاصيل بالطريقة الهولندية ، محاولًا نقل المظهر المحدد لكل من النوافذ الخمس. الانطباع العام كئيب. الرسم غير متحرك بحضور شخص. أمامنا عالم مهجور ، أو بالأحرى ، عالم يعرف أنه مهجور: تحت سماء الليل ، مغطى بالغيوم ، يوجد منزل فارغ ، ولكن على الرغم من الهجر والفراغ ، فإن الحياة تخمن فيه - غريب ، تقريبا شرير.

كما ترون ، يذكر فان جوخ خطبة هنا ، كما لو كانت لتبرير حقيقة أنه قضى وقتًا في الرسم ، لكن الخطبة نفسها يمكن أن تكون بمثابة تعليق على رسمه. كلاهما ثمرة نفس الفكر الأعمق ، وليس من الصعب فهم سبب إثارة سطور إنجيل لوقا لفنسنت.

"كان لأحدهم شجرة تين مغروسة في كرمه ، فجاء يبحث عن ثمر فيها فلم يجدها. فقال للكرام هوذا للسنة الثالثة أتيت أبحث عن ثمر في هذه التينة ولم أجدها. اقطعها فلماذا تحتل الارض؟

فقال له: يا سيدي! اتركها لهذا العام أيضًا ، بينما أحفرها وأغطيها بالسماد. هل ستؤتي ثمارها؟ إذا لم يكن كذلك ، ثم التالي عامقطعها "(الفصل الثالث عشر ، 6-9).

ألا يبدو فينسنت مثل شجرة التين القاحلة؟ بعد كل شيء ، هو ، مثلها ، لم يثمر بعد. ومع ذلك - أليس من السابق لأوانه إعلان أنه ميؤوس منه؟ ألن يكون من الأفضل ترك القليل من الأمل له؟ يقترب التدريب في بروكسل من نهايته. إنه ينتظر ، على أمل أن يتمكن قريبًا من المغادرة إلى البورينج ليكرز بالإنجيل. "قبل أن يبدأ الرسول بولس في التبشير والانطلاق في رحلاته الرسولية البعيدة ، قبل الشروع في اهتداء الكفار ، أمضى ثلاث سنوات في شبه الجزيرة العربية" ، كتب إلى أخيه في نفس الرسالة في تشرين الثاني (نوفمبر). "إذا كان بإمكاني العمل بهدوء في مثل هذه المنطقة لمدة عامين أو ثلاثة أعوام ، والدراسة والمراقبة بلا كلل ، فعندما أعود ، يمكنني أن أقول الكثير مما يستحق الاستماع إليه". بعد tenebras لوكس. كتب المرسل المستقبلي هذه الكلمات "بكل تواضع لازم ، ولكن أيضًا بكل صراحة". إنه مقتنع أنه في هذه الأرض القاتمة ، بالتواصل مع عمال المناجم ، سينضج فيه أفضل ما لديه ، وسيمنحه الحق في الرجوع إلى الناس ، ليحمل إليهم الحقيقة التي يحتفظ بها في قلبه. ، الحق في بدء أكبر حملة في حياته. من الضروري فقط أن تحفر بصبر وتغطى بسماد شجرة تين جرداء ، وبعد ذلك ذات يوم ستحمل الثمار التي طال انتظارها.

في هذه الرسالة الطويلة في نوفمبر إلى ثيو ، المليئة بأكثر الأفكار تنوعًا ، والعديد من الاعترافات اللاإرادية ، تظهر أيضًا تطلعات غامضة جديدة: يبدل فينسنت باستمرار أفكاره اللاهوتية بأحكام حول الأعمال الفنية. في رسالته ، تتحدث أسماء الفنانين - Dürer و Carlo Dolci و Rembrandt و Corot و Bruegel ، الذين يتذكرهم في كل مناسبة ، عما رآه وعايشه ، عن أفكاره وعواطفه ومخاوفه. وفجأة صرخ بحماسة: "كم يكمن الجمال في الفن! ما عليك سوى أن تتذكر كل ما تراه ، فأنت لا تخشى الملل أو العزلة ، ولن تكون وحيدًا أبدًا.

انتهى التدريب في مدرسة القس بوكم. لكن ، للأسف ، انتهى الأمر بالفشل - رفضت الجمعية الإنجيلية إرسال فينسنت إلى بورينج. مرة أخرى - للمرة الألف - تحطمت آماله. كان فينسنت مكتئبًا تمامًا. هرع والده إلى بروكسل. لكن فينسنت كان قد جمع نفسه بالفعل. تعافى بسرعة من يأسه. على العكس من ذلك ، تسببت له ضربة غير متوقعة في موجة من التصميم. ورفض بشدة أن يتبع والده إلى هولندا. حسنًا ، منذ أن تم رفضه ، خلافًا لقرار الجمعية الإنجيلية ، سيذهب إلى Borinage على مسؤوليته الخاصة ومجازفته ، وبغض النظر عن تكلفة ذلك ، فإنه سينجز المهمة التي كان يحلم بها بشغف.

غادر فينسنت بروكسل ، وذهب إلى منطقة مونس واستقر في باتوراز ، في قلب منطقة التعدين ، وبدأ العمل على الفور ، ولم يرغبوا في تكليفه به. كان مستعدًا لخدمة الناس بشكل غير منقسم ، فقد بشر بتعاليم المسيح ، وزار المرضى ، وعلم التعليم المسيحي للأطفال ، وعلمهم القراءة والكتابة ، وعمل دون تدخر قوته.

في كل مكان سهل لا نهاية له ، حيث ترتفع فقط أقفاص رفع مناجم الفحم ، سهل تنتشر فيه أكوام النفايات ، وأكوام سوداء من النفايات الصخرية. هذه المنطقة بأكملها سوداء ، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعمل في رحم الأرض ، أو بالأحرى كلها باللون الرمادي ، في الوحل. سماء رمادية ، جدران منازل رمادية ، برك قذرة. فقط الأسطح القرميدية الحمراء هي التي تنعش عالم الظلام والفقر. في الفترات الفاصلة بين جبال صخور النفايات ، لا تزال بقع الحقول ، وبقع المساحات الخضراء المتوقفة ، محفوظة في بعض الأماكن ، لكن الفحم يملأ كل شيء تدريجيًا ؛ تقترب أمواج هذا المحيط المتحجر من السخام من الحدائق الضيقة ، حيث في الأيام الحارة تكون الأزهار الضعيفة والمغبرة - الدالياس وعباد الشمس - تصل بشكل خجول إلى الشمس.

حول - الأشخاص الذين يريد فينسنت مساعدتهم بكلمة واحدة ، عمال المناجم ذو الوجوه العظمية المليئة بالغبار ، محكوم عليهم بقضاء حياتهم بأكملها مع آلات ثقب الصخور ومجرفة في أيديهم في بطن الأرض ، لرؤية الشمس مرة واحدة فقط أسبوع - يوم الأحد ؛ النساء أيضًا مستعبدين من قبل المنجم: ناقلات كبيرة الحجم تدفع عربات الفحم ، فتيات صغيرات يقمن بفرز الفحم منذ الصغر. يارب يارب ماذا فعلوا بالرجل؟ تمامًا مثل ما حدث قبل عامين في وايت تشابل ، اهتز فينسنت من حزن الإنسان ، الذي اعتبره أنه حزنه ، أكثر حدة من حزنه. يؤلمه أن يرى مئات الفتيان والفتيات والنساء منهكين من العمل الشاق. من المؤلم رؤية عمال المناجم كل يوم ؛ في الساعة الثالثة صباحًا ينزلون بمصابيحهم في الوجه ، ليخرجوا من هناك فقط بعد اثنتي عشرة أو ثلاثة عشر ساعة. من المؤلم الاستماع إلى قصصهم عن حياتهم ، عن المسالخ المتهالكة ، حيث يضطرون غالبًا إلى العمل ، والوقوف في الماء ، والعرق يتساقط على صدورهم ووجههم ، وعن الانهيارات الأرضية التي تهدد الموت باستمرار ، وعن الأرباح المتسولة. لسنوات عديدة ، لم تكن هناك أرباح هزيلة كما هو الحال الآن: إذا كان عمال المناجم يتلقون 3.44 فرنك يوميًا في عام 1875 ، فعندئذٍ في العام الحالي ، 1878 ، تكون أرباحهم 2.52 فرنك فقط. يشعر فينسنت بالشفقة حتى الأعمى الأعمى ، عربات النقل العميقة تحت الأرض بالفحم - محكوم عليهم بالموت ، ولم يكونوا على السطح أبدًا. كل ما يراه فينسنت يؤلمه. يغمره التعاطف اللامتناهي ، فهو سعيد لأدنى فرصة لخدمة الناس ، ومساعدتهم ، وخدمتهم ، وبذل كل ما في وسعه ، ونسيان نفسه تمامًا. لرعاية مصالحه الصغيرة ، حول حياته المهنية ، عندما يكون هناك حزن وفقر في كل مكان - لم يستطع فينسنت حتى تخيل مثل هذا الشيء. استقر في شارع Rue d'Eglise ، واستأجر غرفة من بائع متجول يدعى Van der Hachen ، وأعطى دروسًا لأطفاله في المساء. خرائط فلسطين ، وحصل على أجر أربعين فلورين مقابل هذا العمل. اليوم. ولكن هل يستحق الانتباه إلى الطريقة التي تعيش بها ، والفقر الذي يخنقك ، عندما يكون هناك شيء واحد مهم: أعلن ، أعلن بلا كلل كلمة الله ، ومساعدة الناس.

هذا الواعظ الذي ليس لديه أي مهمة رسمية ، رجل ذو شعر أحمر وجبين عنيد وحركات زاويّة ، لم يكن يعرف كيف يعتني بنفسه على الإطلاق ؛ يمتلك شغفًا واحدًا ، كرّس نفسه له تمامًا ، يمكنه إيقاف شخص في الشارع ليقرأ له سطور الكتاب المقدس ، وكان من الواضح أن جميع أفعاله السريعة ، والمحملة أحيانًا ، كانت مدفوعة بإيمان لا حدود له.

هذا المبشر في البداية أذهل الجميع. لقد اندهشت ، لأن أي ظاهرة غير عادية كانت لافتة للنظر. لكن شيئًا فشيئًا بدأ الناس يقعون تحت سحر شخصيته. استمعوا إليه. حتى الكاثوليك استمعوا إليه. انبثقت قوة جذابة غريبة من هذا الرجل غريب الأطوار ، والتي شعر بها بوضوح الناس العاديون الذين لم يفسدهم الذكاء والتنشئة الراقية والذين حافظوا على الفضائل الإنسانية الأساسية غير القابلة للفساد. صمت الأطفال حوله ، مفتونين بقصصه وفي نفس الوقت خائفون من نوبات غضبه المفاجئة. في بعض الأحيان ، رغبًا في مكافأة انتباههم ، انتهز فينسنت الفرصة لإرضاء شغفه بالرسم: بالنسبة لهؤلاء الأطفال المحرومين الذين لا يعرفون الألعاب ، قام برسم الصور ، والتي وزعها على الفور.

سرعان ما وصلت الشائعات حول أنشطة فينسنت في باتوراز إلى أعضاء الجمعية الإنجيلية. كانوا يعتقدون أن الهولندي ربما لا يزال مفيدًا لهم.

بعد مراجعة القرار المتخذ في نوفمبر ، أعطت الجمعية فينسنت مهمة رسمية لمدة ستة أشهر. تم تعيينه واعظًا في فام ، وهي بلدة صغيرة أخرى في حوض الفحم ، على بعد بضعة كيلومترات من باتوراي. حصل فينسنت على راتب - خمسين فرنكًا في الشهر - ووضع تحت إمرة الكاهن المحلي ، السيد بونت ، الذي عاش في فاركيني.

فينسينت مسرور. أخيرًا ، يمكنه تكريس نفسه لمهمته بشكل كامل. أخيرًا ، سوف يكفر عن جميع أخطاء الماضي. قبل سكان Vam ، بدا أنيقًا تمامًا - حيث لا يمكن أن يكون سوى الهولندي ، في حلة لائقة. لكن في اليوم التالي تغير كل شيء. يتجول في منازل واما ، ووزع فينسنت كل ملابسه وأمواله على الفقراء. من الآن فصاعدًا ، سيشارك الفقراء في حياته ، ويعيش للفقراء ، وبين الفقراء ، كما أمر المسيح أتباعه: "إذا أردت أن تكون كاملاً ، فاذهب ، بِع ممتلكاتك وأعطِ للفقراء ؛ ويكون لك كنز في السماء. وتعال واتبعني ". ارتدى فينسنت سترة عسكرية قديمة ، وقطع لفاته من قماش الخيش ، ووضع قبعة عامل منجم جلدي على رأسه ولبس حذاءًا خشبيًا. علاوة على ذلك ، مدفوعًا بالحاجة اللطيفة للتذلل الذاتي ، قام بتلطيخ يديه ووجهه بالسخام ، حتى لا يختلف ظاهريًا عن عمال المناجم. سيكون معهم كما سيكون المسيح معهم. لا يمكن أن يعامل ابن الإنسان بالنفاق. عليك أن تختار: إما بإحاطة المسيح بقلبك ، أو عِش الحياة التي يطلبها منك ، أو أن تذهب إلى معسكر الفريسيين. من المستحيل في نفس الوقت أن نكرز بعقيدة المسيح ونخونها.

استقر فينسنت مع الخباز جان بابتيست دينيس ، في 21 شارع بيتيت فام ، وهو مريح أكثر قليلاً من المنازل الأخرى في القرية. رتب دينيس مع جوليان سعودويير ، صاحب Salon de Crumb ، وهي مؤسسة كانت تقاطعًا بين الرقص والملاهي الليلية ، حيث كان فينسنت يخطب في خطبه في هذه الغرفة. كان Salon in the Borinage هو الاسم الذي يطلق على أي قاعة مخصصة للاجتماعات (وتم تسمية Salon of Tiny على اسم السيدة Saudoyer ذات الخدود الممتلئة). صالون Kroshka ، بعيدًا قليلاً عن القرية ، يطل على غابة كليرفونتين ، المنتشرة في أعماق وادي Vamskaya ، ليس بعيدًا عن Varkinya. الطبيعة قريبة جدا هنا. هنا يتدفق ، يروي الحدائق الضعيفة ، مجرى قذر. هنا وهناك يوجد صفصاف ملتوي. أبعد قليلا - نظام من أشجار الحور. مسارات ضيقة ، تحدها الأدغال الشائكة ، تهرب إلى الأراضي الصالحة للزراعة. قرى التعدين أعلى الهضبة بجوار المناجم. إنه فصل الشتاء بالخارج. إنها تثلج. غير قادر على الانتظار أكثر من ذلك ، بدأ فينسنت يكرز في صالون Tiny's ، وهي قاعة ضيقة بيضاء اللون تحت عوارض سوداء اللون.

تحدث فينسنت ذات مرة عن رجل مقدوني ظهر لبولس في إحدى رؤاه. لكي يتخيل عمال المناجم مظهره ، قال فينسنت إنه بدا وكأنه "عامل يحمل طابع الألم والمعاناة والإرهاق على وجهه ... ولكن بروح خالدة ، متعطش للخير الأبدي - كلمة الله . " تحدث فينسنت واستمع إليه. كتب: "لقد تم الاستماع إلي باهتمام". ومع ذلك ، نادراً ما كان الزوار يزورون صالون Tiny's. شكّل دينيس الخباز وزوجته وأبناؤه الثلاثة جوهر هذا المجتمع الصغير. ولكن حتى لو لم يرغب أحد في الاستماع إليه ، فسيبدأ فينسنت في الوعظ ، مخاطبًا ، إذا لزم الأمر ، على الأقل إلى تلك الطاولة الحجرية في زاوية القاعة. تم تكليفه بالكرازة بكلمة الله - سيكرز بكلمة الله.

لقد سحرته. كتب إلى أخيه: "في تلك الأيام المظلمة الأخيرة قبل عيد الميلاد ، تساقطت الثلوج. كان كل شيء حولنا يذكرنا بلوحات العصور الوسطى التي رسمها Brueghel Muzhitsky ، بالإضافة إلى أعمال العديد من الفنانين الآخرين الذين كانوا قادرين بشكل مثير للدهشة على نقل مزيج غريب من الأحمر والأخضر والأسود والأبيض. تجذب الألوان التكميلية في المناظر الطبيعية المحيطة دائمًا عين الواعظ الجديد. بالإضافة إلى ذلك ، فإن هذه المناظر الطبيعية تذكره دائمًا بلوحات شخص آخر. "ما أراه هنا يذكرنا دائمًا بأعمال ثيجس ماريس أو ألبريشت دورر." لم يلاحظ أحد من قبل الكثير من الجمال في هذه الأماكن مثل هذا الرجل ، الذي يدرك بشراهة أي انطباعات. إذا كانت تحوطات الأدغال والأشجار القديمة بجذورها الغريبة "تذكره بالمناظر الطبيعية في نقش دورر" الفارس والموت "، فإنها تجعله يفكر أيضًا في برابانت ، حيث قضى طفولته ، وحتى بحكم غريب لعبة جمعيات - لفكرة الكتاب المقدس: "في الأيام الأخيرة تساقطت الثلوج ،" كتب ، "وبدا كما لو كانوا يكتبون على ورق أبيض ، مثل صفحات الإنجيل."

في بعض الأحيان ، كان متجمدًا على جانب الطريق أو ليس بعيدًا عن المنجم ، رسم. لم يستطع مقاومة هذا "المرح".

طبعا مهمته لم تعاني من ذلك إطلاقا. ألقى الخطب ، ورعاية المرضى ، وعلم الأطفال القراءة والكتابة ، وحضر قراءات الكتاب المقدس في العائلات البروتستانتية. في المساء ، التقى عند مخرج المنجم بعمال المناجم الذين أنهوا نوبتهم. بعد أن سئم من يوم عمل طويل ، أمطروه بالإساءات. أجاب بخنوع: "اكشطني يا أخي ، لأني أستحق ذلك ، لكن استمع إلى كلمة الله". الأطفال وأولئك الذين سخر منهم فنسنت ، لكنه لا يزال يعمل معهم بصبر ، ويعلمهم بجد ويدللهم.

شيئًا فشيئًا ، تبدد العداء وانعدام الثقة ، وتوقف السخرية. أصبح صالون الفتات أكثر ازدحامًا. كل الأموال التي حصل عليها فينسنت ، أعطاها للفقراء. وأعطى وقته وقوته لمن شاء. عند دخوله منازل عمال المناجم ، قدم مساعدته للنساء ، وطبخ العشاء واغتسل. قال: "أعطني عملاً ، فأنا خادمك". تجسيدًا للتواضع وإنكار الذات ، حرم نفسه من كل شيء. كان كل ما يأكله هو بعض الخبز والأرز والدبس. ذهب حافي القدمين في معظم الأوقات. فأجاب سيدتي دينيس التي عاتبته على ذلك: "الأحذية هي رفاهية عظيمة لرسول المسيح". بعد كل شيء ، قال المسيح: "لا تأخذ أي حقيبة ، لا أكياس ، لا أحذية". اتبع فينسنت بحماس ودقة أوامر الشخص الذي تعهد بنقل كلمته إلى الناس. في البداية ، جاء العديد من عمال المناجم للاستماع إلى فينسنت فقط من باب الامتنان: لقد اشترى دواء لأحدهم بماله الخاص ، وقام بتعليم الأطفال من الآخر - لذلك ساروا على مضض إلى صالون كرامب. لكن سرعان ما بدأوا في الذهاب إلى هناك بمحض إرادتهم. ما زال فينسنت لا يتألق ببلاغة. وبينما كان يقرأ العظة ، أشار بقوة. ومع ذلك فقد عرف كيف يلمس ويثير القلوب. كان عمال المناجم تحت سحر رجل ، كما قالت مدام دينيس ، "ليس مثل أي شخص آخر".

لكن القس بونت كان أقل سعادة بكثير من فينسينت. وبخ الشاب مرارًا وتكرارًا أنه أساء فهم مهمته ، ولم يخف حقيقة أن سلوكه بدا غير لائق بالنسبة له. التعظيم المفرط يضر بمصالح الدين. وإلى جانب ذلك ، لا ينبغي الخلط بين الرموز والواقع! اهدأ من فضلك! شنق رأسه ، وعد فينسنت بالتحسين ، لكنه لم يغير سلوكه بأي شكل من الأشكال.

وكيف يمكنه تغييرها؟ ألا يستجيب كل ما يفعله لوصايا المسيح؟ ألن يدفع الفقر والفقر في كل مكان كل شخص صالح ليحذو حذوه؟ صحيح أن عمال المناجم يتمتعون أيضًا بلحظات من الفرح عندما ينغمسون في الملاهي الفظة: مسابقات الرماية ومسابقات التدخين والرقص والغناء. لكن هذه اللحظات نادرة. إنهم لا يسمحون للناس أن ينسوا متاعبهم ، وحياتهم الصعبة المملة. إذن من ، إن لم يكن هو ، كارز الإنجيل ، سيعطيهم مثالًا على إنكار الذات؟ من سيصدق الكلمات التي تخرج من فمه إذا لم يصبح هو نفسه تأكيدًا حيًا لهم؟ يجب أن يفتح كل النفوس لصلاح الإنجيل ، ويذيب آلامه في اللطف.

استمر فينسنت في عمله. قال: "هناك خطيئة واحدة ، وهي فعل الشر" ، والحيوانات ، مثل البشر ، بحاجة إلى الرحمة. لقد منع الأطفال من تعذيب خنافس مايو ، والتقط وعالج الحيوانات المشردة ، واشترى الطيور لإطلاقها على الفور في البرية. ذات مرة ، في حديقة أزواج دينيس ، التقط كاتربيلرًا كان يزحف على طول الطريق ، وحمله بعناية إلى مكان منعزل. حول "الزهور" لفنسنت فان جوخ! ذات مرة ألقى عامل منجم بكيس على نفسه ، وعلى ظهره كتب: "احذروا الزجاج!" ضحك الجميع من حول عامل المنجم ، فقط فينسينت كان مستاءً. هنا هو مبارك! بدأ الجميع يضحكون على كلماته الرحيمة.

كان فينسنت بالفعل مليئًا بالتواضع والوداعة ، وغالبًا ما كان يغلبه الشوق اليائس ، لكن في بعض الأحيان كان يتمسك بنبضات الجنون: في أحد الأيام ، عندما اندلعت عاصفة ، اندفع فينسنت إلى الغابة ، ومشيًا تحت المطر الذي تدفق منه في الجداول ، معجبة "الخالق العظيم المعجزة." بعض سكان وام ، بالطبع ، اعتقدوا أنه مجنون. أجاب: "المسيح كان مخلّصنا أيضًا مجنونًا".

فجأة ، انتشر وباء التيفود في المنطقة. لقد قامت بقص الجميع على التوالي - كبارا وصغارا ، رجالا ونساء. لم ينج من المرض سوى عدد قليل. لكن فينسنت لا يزال واقفاً على قدميه. يستغل بفرحة فرصة نادرة لإشباع شغفه بالزهد. ضعيف ، لا يعرف الكلل ، يكرس كل قوته ليلاً ونهاراً لرعاية المرضى ، متجاهلاً خطر العدوى. لقد تخلى عن كل ما كان لديه منذ زمن طويل ، ولم يترك لنفسه سوى خرق بائسة. لا يأكل ولا ينام. هو شاحب ورقيق. لكنه في الوقت نفسه سعيد ومستعد لتضحيات أخرى لا حصر لها. لقد عانى الكثير من الناس بالفعل من سوء الحظ ، والكثير من الناس ، الذين تركوا بلا دخل ، محكوم عليهم بالفقر الكامل - كيف يمكنه أن ينفق الكثير من المال على نفسه في ظل هذه الظروف ، ويشغل غرفة كاملة في منزل مريح؟ كان يتوق إلى إنكار الذات ، فقام ببناء كوخ لنفسه في أعماق الحديقة بيديه ، وجعل لنفسه مسكنًا ليلاً على كومة من القش. المعاناة خير من الفرح. المعاناة تنقية.

والرحمة هي الحب ، ويجب عمل كل شيء لمساعدة الناس. ربما شعر الناس أخيرًا بما يشعر به فنسنت من حب قوي؟ نفوذه ازداد بلا شك. الآن يتوقع الناس منه المعجزات. عندما يتم تعيين المجندين بالقرعة ، تسأل أمهات المجندين عن طريق الخرافات الشخص الذي يُدعى الآن باحترام "القس فنسنت" ليريهن بعض الكلام من الإنجيل - ربما ينقذ هذا التعويذ ابنهن من رباط الجندي الثقيل.

ومع ذلك ، عندما رأى الكوخ الذي بناه فينسنت لنفسه ، أصبح القس بونت ، الذي كان محرجًا بالفعل من حماسته ، والتضحية بالنفس المحموم ، غاضبًا في النهاية. لكن فينسنت كان عنيدًا. لقد أصبحت عنيدًا على سوء حظي ، لأنه في ذلك الوقت وصل إليكم ممثل مفوض من الجمعية الإنجيلية للتفتيش التالي. واختتم حديثه بالقول: "غيرة مؤسفة". قال للمجتمع المحلي في تقريره: "هذا الشاب يفتقر إلى صفات الفطرة السليمة والاعتدال التي لا غنى عنها لمبشر جيد".

اللوم التي تنهمر على فينسنت من جميع الجهات أزعجت الأم دينيس. لكنها بالفعل في حالة من اليأس من المصاعب التي حُكم عليها بالمستأجر الغريب. وبسبب عدم قدرتها على المقاومة ، قامت بنفسها بتوبيخه مرارًا وتكرارًا على أنه يعيش "في ظروف غير طبيعية". بعد أن لم تحقق شيئًا من هذا القبيل ، قررت الكتابة إلى Etten. هي نفسها أم ، وبالتالي من واجبها أن تخبر القس وزوجته بما حدث لابنهما. على ما يبدو ، يعتقدون أنه يعيش معها في دفء وراحة ، ومع ذلك فقد تخلى عن كل ما لديه ، ولم يترك شيئًا على الإطلاق لنفسه: عندما يحتاج إلى ارتداء ملابسه ، يقطع قميصه من ورق التغليف.

في إيتين ، قام القس وزوجته بإعادة قراءة رسالة الأم دينيس بصمت ، وهز رأسيهما للأسف. لذا فقد عاد "فينسنت" إلى شذوذته. إلى الأبد نفس الشيء! ماذا أفعل؟ من الواضح أنه لم يتبق سوى شيء واحد: الذهاب إليه ومرة أخرى - للمرة الألف - لتأنيب هذا الطفل الكبير ، الذي ، على ما يبدو ، غير قادر تمامًا على العيش مثل أي شخص آخر.

لم تكذب الأم دينيس: عند وصوله إليك بشكل غير متوقع ، وجد القس فنسنت مستلقياً في كوخ ؛ كان محاطًا بعمال مناجم قرأ لهم الإنجيل.

كان المساء. أضاء الضوء الخافت للمصباح المشهد ، ورسم ظلالًا غريبة ، مؤكداً على الملامح الزاوية للوجوه الهزيلة ، والظلال لأشكال الانحناء بوقار ، وأخيراً ، النحافة المخيفة لفنسنت ، الذي احترقت عيناه على وجهه بنار قاتمة.

مكتئبا من هذا المنظر ، القس انتظر حتى تنتهي القراءة. عندما غادر عمال المناجم ، أخبر فينسنت مدى صعوبة رؤية ابنه في مثل هذه البيئة المتسولة. هل يريد أن يقتل نفسه؟ هل من الذكاء التصرف على هذا النحو؟ بسلوكه المتهور ، سيرسم القليل تحت راية المسيح. يجب على كل مرسل ، مثل الكاهن ، أن يبتعد عن مسافة معينة تتطلبها رتبته ، حتى لا يتنازل عن كرامته.

تبع فينسنت والده متجهمًا وعاد إلى غرفته القديمة في منزل مدام دينيس. لقد أحب والده - دعه يذهب إلى المنزل بهدوء. ولكن ما الذي يجب أن يفكر فيه فينسنت نفسه بشأن كل اللوم التي تمطر عليه باستمرار من جهات مختلفة؟ الآن هو يوبخ حتى من قبل والده ، الذي أراد بشدة تقليده. هل اتخذ القرار الخاطئ مرة أخرى؟ بعد وباء التيفوئيد ، لم يلقبه أحد الآن بالجنون. صحيح أنه حدث أن الناس في الشارع ضحكوا وهم يعتنون به. لكن هذا ليس هو الشيء الرئيسي. القس بونت ، مفتش الجمعية الإنجيلية ، والده - أدانوا جميعًا حماسة إيمانه ، وطالبوه بكبح اندفاعه. ومع ذلك ، هل هو حقًا رجل مجنون لمجرد أنه يمثل الخدمة الكاملة للإيمان؟ إذا كان الإنجيل صحيحًا ، فإن القيود مستحيلة. أحد أمرين: إما أن يكون الإنجيل هو الحق ، ويجب أن نتبعه في كل شيء. إما… أو… ليس هناك احتمال ثالث. أن تكون مسيحياً - كيف يمكن اختزالها في عدد قليل من الإيماءات المثيرة للشفقة ، وبلا معنى حقيقي؟ من الضروري الاستسلام للإيمان بالروح والجسد: الخدمة بالجسد والروح ، والتكريس لخدمة الناس ، والاندفاع إلى النار بالجسد والروح ، والحرق بلهب مشرق. لا يمكن تحقيق المثل الأعلى إلا بمساعدة المثالية. هل هو مجنون؟ ألا يتبع كل إملاءات الإيمان التي تحرق قلبه؟ لكن ربما غيم هذا الاعتقاد على عقله؟ ربما يكون من الجنون الاعتقاد بإمكانية إنقاذ الفضيلة؟ سيخلص الرب من يشاء ويلعن من يريد أن يلعن - أوه ، سخرية الإيمان! في البداية يتم إدانة الشخص أو انتخابه. "من يحب الرب فليس له أن يتوقع المعاملة بالمثل". ربما كان الرب نفسه - من خلال شفاه منتقدي فينسنت - هو من نطق بكلمة فظيعة لعنة؟ هل كل ذلك عبثًا ، وعبثًا بالاكتئاب؟ خذ ، على سبيل المثال ، نفسه ، فينسينت فان جوخ: بغض النظر عن مدى صعوبة محاولته للتكفير عن ذنبه لمعاقبة نفسه بأقسى عقوبة ، بغض النظر عن مدى إعلانه عن حبه وإيمانه ، فلن يمسح أبدًا وصمة عار. من المهد. هذا العذاب لن ينتهي أبدا.

إلى أين أنت ذاهب يا فنسنت فان جوخ؟ عنيد ، مريض ، ويأس في قلبه ، واصل طريقه. من خلال الظلمة إلى النور. من الضروري أن نغرق ، منخفضًا جدًا ، لمعرفة حدود اليأس البشري ، والغطس في الظلام الدنيوي. "لا تخلط بين الرمز والواقع" - مهما كان الأمر! الرموز ، الواقع - الكل في واحد ، كل شيء اندمج في حقيقة واحدة مطلقة. أسوأ الناس حظًا هم أولئك الذين تمر حياتهم في بطن الأرض الأسود. سوف يذهب فنسنت إليهم.

في أبريل ، نزل إلى منجم ماركاس ولمدة ست ساعات متتالية ، على عمق سبعمائة متر ، تجول من adit إلى adit. كتب إلى أخيه: "هذا المنجم ذا سمعة سيئة ، لأن الكثير من الناس ماتوا هنا - أثناء النزول ، أثناء الصعود ، من الاختناق أو من انفجار النار ، عندما غمر الانجراف بالمياه الجوفية ، عندما تقدمت في السن. الإعلانات المنهارة ، وما إلى ذلك. هذا مكان رهيب ، وللوهلة الأولى تضرب المنطقة بأكملها بموتها الرهيب. معظم العمال هنا شاحبون ومحمومون. يبدو عليهم الهزال ، والتعب ، والخشونة ، وكبار السن المبكرة. عادة ما تكون النساء شاحبة وذابلة أيضًا. حول المنجم ، توجد أكواخ بائسة لعمال المناجم وعدد قليل من الأشجار الذابلة ، سوداء بالكامل بالسخام ، وأسيجة من الشجيرات الشائكة ، وأكوام من القمامة والخبث ، وجبال من الفحم الذي لا قيمة له ، إلخ. فنسنت.

توصل فينسنت إلى استنتاجات أخرى من رحلته إلى رحم الأرض. لم يتخيل من قبل أن مصير عمال المناجم كان فظيعًا للغاية. أدناه ، في بطن الأرض ، استاء من أولئك الذين فرضوا ظروف العمل الكابوسية على إخوانهم ، ولم يوفروا الهواء في الأعراف ولم يؤمن الوصول إليهم ، ولم يهتم على الإطلاق بالتخفيف من مصير عمال المناجم ، الأمر الذي كان بالفعل صعبًا للغاية. استياء "القس فنسنت" بخطوة حاسمة من إدارة المنجم وطالب باتخاذ تدابير عاجلة لحماية العمال باسم أخوة الناس ، باسم العدالة البسيطة. تعتمد الصحة عليه ، في كثير من الأحيان حتى حياة عمال العالم السفلي. استجاب المضيفون لمطالبه بالضحك والانتهاكات. أصر فينسنت ، غاضبًا. صرخوا في وجهه: "السيد فنسنت ، إذا لم تتركنا وشأننا ، فسوف نخفيك في ملجأ مجنون!" "مجنون" - زحفت مرة أخرى ، مبتسما بسخرية ، هذه الكلمة الحقيرة. مجنون - بالطبع! فقط المجنون هو الذي يتعدى على ربح السيد من أجل التحسينات غير الضرورية! فقط رجل مجنون يمكنه أن يطالب برفض مثل هذه الظروف المواتية - فبعد كل شيء ، من كل 100 فرنك يتم الحصول عليها مقابل الفحم الذي يتم إصداره للجبل ، سيحصل المساهمون على 39 صافيًا. يكفي مقارنة هذه الأرقام ، مع جنون فنسنت فان جوخ سوف يصبح واضحا.

عند وصوله إلى هنا ، في منطقة بورينج ، وجد فينسنت نفسه في أحد تلك الأماكن التي وُلد فيها المجتمع الحديث وتشكلت المنظمات التي يمكن أن تدمر الشخص بقوتها. يبدو أن هذا السهل الجبلي ، باللون الرمادي والحزين والمحبط ، بأكواخه من الطوب القذر وأكوام الخبث ، يجسد مصير الرجال والنساء المحليين ، وهم يسحبون أحزمةهم بضجر. هل يمكن أن لا يتعاطف فينسنت معهم؟ حزنهم أقرب إلى حزنه. مثله ، معدم ، منبوذ ، لا يعرفون إلا العذاب. لا أحد ، لا شيء ، يستجيب لأنينهم. إنهم وحدهم ، ضائعون في هذا العالم القاسي. كانت السماء المنخفضة القاتمة تلوح في الأفق بشكل خطير. الارض. تحت هذه السماء الرمادية المميتة ، يتجول فينسنت عبر السهل. إنه غارق في الشكوك والأسئلة والقلق والرعب. لم يسبق له أن كان مدركًا تمامًا لوحدته الرهيبة. لكن هل يمكن أن يكون الأمر غير ذلك؟ روحه ، التي تتوق إلى المثل الأعلى ، غريبة ، غريبة تمامًا عن هذا العالم ، غير شخصية بالميكنة ، قاسية ، لا ترحم ، وقبيحة. من هذا العالم اللاإنساني تمزقه المعاناة ، رجل لا يعرف إلا كلمات الحب ، اللطف المتجسد ؛ الشخص الذي يجلب الصداقة والأخوة والعدالة الإلهية للآخرين ، إنه مثل الاتهام الحي لهذا العالم.

في 16 أبريل / نيسان ، وقع انفجار هائل في منجم أغراب في قرية فراميري المجاورة. بعد أسابيع قليلة من انتشار وباء التيفود ، عاد الحزن والموت إلى منطقة بورينج مرة أخرى. أسفر الانفجار عن مقتل عدد من عمال المناجم. تم اخراج العديد من الجرحى من اللغم. للأسف ، لم يكن هناك مستشفى في المنجم - اعتقدت الإدارة أنه مكلف للغاية. هناك العديد من الجرحى والأطباء يندفعون لتقديم الإسعافات الأولية لأولئك الذين يأملون في البقاء على قيد الحياة. وفنسنت موجود هنا أيضًا. كيف لا يمكن أن يأتي؟ في كل مكان ، وحيثما تضرب المتاعب ، يستجيب دون أن يتوانى عن أي حزن. كما هو الحال دائمًا ، لا يدخر شيئًا ، فهو يساعد بكل ما في وسعه: يمزق بشكل محموم بقايا كتانه في ضمادات ، ويشتري زيت المصباح والشمع. لكنه على عكس الأطباء ، ينحني على عمال المناجم الذين أصيبوا بأخطر الجروح. ليس لدى فينسنت أي فكرة عن الطب. يمكنه فقط أن يحب. بحب ، يرتجف من الإثارة ، ينحني على جثث المنكوبين ، متروكين لرحمة القدر. يسمع آهات الموت. ما هي حبه ضد شر هذا العالم؟ ماذا يمكن أن يكون ، فينسينت ، الرجل المجنون المؤسف؟ كيف ننقذ وكيف نعالج هؤلاء الناس؟ بإيماءة محرجة ، رفع رأس أحد الضحايا. عامل منجم الفحم ينزف ، جبهته جرح مستمر. يشتكي عندما يلمسه فينسنت. لكن هل من الممكن أن تلمس هذا الوجه المشوه الأسود الملطخ برقة أكثر من فينسنت؟ أعلن الأطباء أنه ميؤوس منه. لماذا إذن تعتني بها؟ ولكن هل يستحق التبذير في الرعاية؟ لماذا لا تظهر دائمًا وفي كل مكان مزيدًا من الاهتمام بالناس؟ حمل فينسنت عامل المنجم إلى كوخه. ثم جلس بجانب سريره ، يومًا بعد يوم ، وليلة بعد ليلة. حكم العلم على هذا الرجل بالإعدام ، لكن حب فنسنت ، حب فنسنت المسعور ، حكم على خلاف ذلك. يجب أن يعيش هذا الشخص. سوف يعيش! وشيئًا فشيئًا ، يومًا بعد يوم ، ليلة بعد ليلة ، أسبوعًا بعد أسبوع ، التئمت جروح عامل المنجم وعاد للحياة.

قال فينسينت: "رأيت الندوب على جبين هذا الرجل ، وبدا لي أن المسيح المقام أمامي".

كان فينسنت مبتهجًا. لقد أنجز عملاً فذًا ، وهو أول إنجاز في حياته من أولئك الذين طلبهم المسيح من الناس ، "أعظم الفنانين" ، الذين "رفضوا الرخام والطين والطلاء ، واختاروا اللحم الحي كموضوع لإبداعاته". فاز فينسنت. الحب دائما يفوز.

نعم ، الحب دائما يفوز. "لقد جاء ليغني صلاته ..." تذمر السكير الذي أصيب في كارثة المنجم في مابكاسا ، عندما ظهر "القس فنسنت" في منزله ، وعرض عليه مشاركته ومساعدته. كان Pyanchuga أستاذًا في الشتائم وعامل فينسنت على اختيار سوء المعاملة. لكن الحب دائما يفوز. وضع فينسنت العار على غير المؤمن.

كم كان بإمكانه أن يفعل ، فينسينت ، لو لم يكن وحيدًا وضعيفًا بشكل مأساوي! شعر بخاتم عدائي ينغلق من حوله. لم يتركه المجتمع الإنجيلي وشأنه: فقد أُرسِل القس روشيدير لندعوه ، على حد تعبير القس بونت ، "بتقييم أكثر رصانة للأمور". إنه مهدد بالفصل من منصبه الكرازي إذا استمر في التصرف بهذه الطريقة وإهانة الكنيسة باستمرار بسلوكه الفاضح. يعرف فينسنت أنه محكوم عليه بالفشل. لكنه يواصل السير في طريقه الخاص. سوف يمررها إلى النهاية ، بغض النظر عن نتيجة هذا الصراع اليائس.

إنه ليس ممن يحتاجون إلى الأمل في القيام بعمله والنجاح من أجل الاستمرار فيه. إنه من أولئك الذين يرون بوضوح هلاكه ، لكنه لا يعتبر نفسه مهزومًا ولا يخضع. هو من قبيلة المتمردين.

ربما قال شيئًا مشابهًا لعمال المناجم. تسبب وباء التيفود وانفجار النار في الكثير من المتاعب للناس ، كما أن تعسفية وقسوة أصحاب مناجم الفحم واضحة للغاية لدرجة أن عمال المناجم قرروا الإضراب عن العمل. خطب فنسنت ، التي فازت بقلوبهم بشكل غير مقسم ، ربما عجلت إلى حد ما بقرارهم. مهما كان الأمر ، فقد اعتبر فينسنت أحد قادة الإضراب. نظم حملة لجمع التبرعات لمساعدة المضربين ، وتجادل مع أصحاب المناجم. لكن المضربين أنفسهم ، الذين كانوا يميلون إلى التنفيس عن سخطهم في الصيحات العالية والتلويح بقبضاتهم ، علم الوداعة والمحبة. لم يسمح لهم بإشعال النيران في المناجم. قال "ليست هناك حاجة للعنف". "اعتني بكرامتك ، لأن العنف يقتل كل خير في الإنسان."

لطفه وشجاعته لا ينضب. يجب أن نقاتل ونقاتل حتى النهاية. ومع ذلك ، غدًا سينزل عمال المناجم إلى المنجم مرة أخرى. وماذا سيحدث لفنسنت؟ .. هو يعلم أنه محكوم عليه بالموت ومنسي وتركه لرحمة القدر ، مثل عمال المناجم في أعماق adit ، مثل ذلك الرجل البائس المحكوم عليه بالإعدام من قبل الأطباء الذين تركهم. إنه وحيد ، مع الحب الذي لا ينضب الذي يقضم روحه ، مع هذا الشغف الذي لا يشبع. اين نذهب؟ ماذا أفعل؟ كيف نتعامل مع مقاومة القدر هذه؟ لعل مصيره أن يموت ويذبل في هذا الصراع؟ أحيانًا في المساء يضع أحد أولاد داني الصغار في حجره. وبصوت خافت ، من خلال الدموع ، يخبر الطفل عن حزنه. قال له: "يا بني ، منذ أن عشت في العالم ، أشعر وكأنني في سجن. يعتقد الجميع أنني جيد من أجل لا شيء. ومع ذلك ، يضيف بدموع ، "لا بد لي من القيام بشيء ما. أشعر أنني يجب أن أفعل شيئًا لا يمكنني فعله سوي. ولكن ما هو؟ لما؟ هذا ما لا أعرفه ".

بين خطبتين ، يرسم فينسنت ليخبر العالم عن حزن الأشخاص الذين لا يهتم بهم أحد ، والذين لا يريد أحد أن يشعر بالأسف تجاههم.

انتشر الخبر بسرعة البرق في فاما: طرد "السادة في بروكسل" فينسنت من منصبه الكرازي ، مشيرين إلى حقيقة أنه يفتقر إلى البلاغة كما يُزعم. سيغادر بورينج قريبًا. كان الناس يبكون. قالوا "لن يكون لدينا مثل هذا الصديق مرة أخرى".

وضع "القس فنسنت" متعلقاته. يرتدون جميعًا وشاحًا مربوطًا بعقدة. أخفى رسوماته في ملف. الليلة سيذهب إلى بروكسل ، وسيذهب سيرًا على الأقدام ، لأنه لا يملك نقودًا للسفر ، حافي القدمين ، لأنه تخلى عن كل ما لديه. إنه شاحب ، مرهق ، مكتئب ، حزين بلا حدود. ستة أشهر من الجوع ، والقلق غير الأناني على الناس شحذ ملامحه.

لقد حان المساء. ذهب فينسنت ليودع القس بونت. طرقًا على الباب ، وعبر عتبة منزل القس. علق رأسه ، وتوقف ... رداً على كلمات القس ، قال بهدوء: "لا أحد يفهمني. لقد صُنّفت بالجنون لأنني أريد أن أتصرف كمسيحي حقيقي. لقد دفعوني بعيدًا مثل الكلب الضال ، واتهموني بالتسبب في فضائح - وكل ذلك لمجرد أنني أحاول التخفيف من محنة المؤسف. تنهد فينسينت ، لا أعرف ماذا سأفعل. "ربما أنت على حق وأنا لا لزوم له على هذه الأرض ، عاطل لا يحتاجه أحد."

كان القس بونت صامتًا. هو. نظر إلى رجل خشن ، مؤسف الحظ يقف أمامه بوجه متضخم بقصّة حمراء ، وعيناه محترقتان. ربما ثم القس بونت للمرة الأولى منشارفنسنت فان غوغ.

لم يتردد فينسنت. ما زال الطريق طويلا. هناك الكثير للذهاب! مع حافظة من الورق المقوى تحت ذراعه ، وحزمة على كتفه ، قال وداعًا للقس ، وصعد إلى الليل وسار على طول الطريق المؤدي إلى بروكسل. صرخ الأطفال من بعده: لمست! لمست! " تندفع هذه الصرخات دائمًا بعد المهزومين.

أمر القس بونت الأطفال بغضب بالتزام الهدوء. عند عودته إلى منزله ، غرق في كرسي وانغمس في تفكير عميق. ماذا كان يفكر؟ ربما تذكر سطور الإنجيل؟ أليست كلمات المسيح هذه: "ها أنا أرسلك مثل الغنم بين الذئاب". من هو هذا الرجل الذي طردته الكنيسة؟ من هذا؟ ولكن هناك قمم لا يمكن الوصول إليها من قبل القس البائس لقرية التعدين الفقيرة ...

فجأة كسر القس بونت الصمت. قال لزوجته بهدوء بصوت يمكن سماعه رعشة طفيفة: "لقد أخذناه كمجنون". - أخذناه لرجل مجنون ، وقد يكون قديسا ... "

V. "الشيء موجود في روحي ، ولكن ماذا؟"

أنا هنا ، لا أستطيع أن أفعل غير ذلك.

لوثر ، من خطاب في مجمع الديدان

أحد أعضاء الجمعية الإنجيلية ، القس بيترسن ، صُدم كثيرًا بظهور فنسنت. نظر بذهول إلى هذا الرجل ، المتعب من مشية طويلة ، وظهر أمامه بخرقة مغبرة وساقيه ملطختان بالدماء.

في قبضة فكرة واحدة ، تمتم بشيء ما لنفسه باستمرار ، تقدم فينسنت بخطوة كبيرة ، ولم يسمح لنفسه بالراحة ، ووصل أخيرًا إلى منزل القس بيترسن. تفاجأ الشخص الموقر ولمسه. لقد استمع باهتمام إلى فينسنت ، وهو يفحص بعناية الرسومات التي أخرجها من ملفه. خلال أوقات فراغه ، رسم القس بالألوان المائية. ربما كان مهتمًا حقًا برسومات فينسنت؟ ربما رأى فيهم بدايات الموهبة ، موهبة الفنان؟ أو ربما قرر بأي ثمن أن يبتهج ، ليهدئ الرجل الفظ ، سريع الغضب ونفاد الصبر ، الذي يمكن أن يرى في صوته وبدا يأسه الشوق العميق؟ مهما كان الأمر ، نصحه برسم أكبر قدر ممكن واشترى رسمتين منه. ربما هذه مجرد صدقات مقنعة بذكاء؟ بطريقة أو بأخرى ، بذل القس بيترسن قصارى جهده لتهدئة معاناة فينسينت. تركه معه لبضعة أيام ، ودفئه بالود والحنان ، واقتناعه بأن فينسنت ، على الرغم من كل شيء ، أراد مواصلة عمله الكرازي في بورينج ، قدم له توصية إلى كاهن قرية كام. .

عاد فينسنت. كانت الأيام القليلة التي قضاها في منزل القس بيترسن فترة راحة سعيدة له. الآن سوف يعود إلى Borinage ، إلى قرية Cam ، حيث ، كما هو متفق عليه ، سيكون مساعد القس. لكن شيئًا ما انكسر في روحه. لا يمكن أن تجعل صداقة وود بيترسن فينسنت ينسى الإساءة التي تعرض لها. لعنه الرب أيضا. لقد رفضه ، كما فعلت أورسولا ذات مرة ، حيث رفضه المجتمع وسكان المدينة. في البداية داسوا على حبه ، ثم - والأسوأ من ذلك - صلبوا إيمانه. كان متعطشًا للاستشهاد ، وتسلق القمم العارية التي لا مأوى لها ، حيث تستعر العواصف والعواصف الرعدية ، حيث يُترك الشخص - وحيدًا وعزلًا - لنفسه تمامًا. هناك ضربه البرق. لقد احترقت روحه من خلال الاجتماع مع الشخص الذي لم يعد له اسم في هذه المرتفعات المتجاوزة - مع الشخص الذي هو لا شيء عملاق وغامض.

تجول فينسنت على طول الطرق ، مستهلكًا من القلق والحرارة ، مرتبكًا ، مضطهدًا ، كل ذلك في قبضة مرض ليس له اسم أيضًا. تهادى مع يديه في جيوبه ، ويتنفس بصعوبة ، ويتحدث إلى نفسه بلا كلل ، غير قادر على البقاء في مكان واحد لفترة طويلة. كان يعتقد أنه لا يزال يريد الكرازة ، لكن الخطب لم تعد تأتي بعد الآن. فجأة بدت الكنائس له مقابر حجرية فارغة بشكل مأساوي. لقد فصلت هاوية لا يمكن تجاوزها إلى الأبد المسيح عن أولئك الذين يسمون أنفسهم عبيدًا له. الله بعيد وبعيد لا يطاق ...

في الطريق ، غير الاتجاه فجأة. هرع إلى إيتن ، كما لو كان في منزل الوالدين ، يمكنه أن يجد إجابة للأسئلة التي كانت مزدحمة وذهبت في روحه ، وإيجاد طريق للخلاص. لقد فهم أنه في إيتن سيواجه اللوم - حسنًا ، لا يمكن فعل أي شيء!

في الواقع ، لم يكن هناك نقص في اللوم. لكن ، للأسف ، في البقية ، تبين أن الرحلة كانت غير مثمرة. صحيح أن القس التقى بفنسنت بمودة ، لكنه لم يخف عنه أن مثل هذا الرمي المتهور لم يعد قادرًا على الاستمرار. يبلغ فينسنت بالفعل ستة وعشرين عامًا - لقد حان الوقت لاختيار حرفة وعدم الانحراف عن الحرفة المختارة. دعه يصبح نقاشًا ، ومحاسبًا ، وصانع خزانة - أي شخص ، إذا كان هناك فقط نهاية للرمي! انحنى فينسنت رأسه. تمتم "العلاج أسوأ من المرض". كانت الرحلة بلا جدوى. "ألا أريد أن أعيش بنفسي بشكل أفضل؟ اعترض بسخط. "ألا أطمح إلى ذلك بنفسي ، ألا أشعر بالحاجة إليه؟" ولكن ما الذي سيتغير من كونه فجأة يصبح محاسبًا أو نقاشًا؟ هذه الأيام القليلة التي قضاها مع والده ، الذي حاول ذات مرة تقليده بمثل هذه الحماسة ، أصبحت بالنسبة لفنسنت مصدر معاناة جديدة. علاوة على ذلك ، لم يكن الأمر خالي من الاحتكاك. "هل يمكن توبيخ المريض على رغبته في معرفة مدى معرفة طبيبه ، وعدم رغبته في أن يعامل بشكل غير صحيح أو أن يعهد به إلى دجال؟" يسأل فينسنت. كان يأمل في الحصول على مساعدة في منزل والديه ، لكنه واجه سوء فهم كامل. مع عبء جديد في قلبه ، عاد إلى Borinage. لن يساعده أحد؟ إنه مرفوض من الجميع - من الله والكنيسة والناس وحتى الأقارب. أدانه الجميع. حتى الأخ ثيو.

يجب نقل ثيو ، الموظف المثالي في شركة Goupil ، إلى باريس في أكتوبر ، إلى المكتب الرئيسي للشركة. جاء ليرى فينسنت في جزيرة بورينج ، لكن هذه المرة لم يجد الأخوان لغة مشتركة. كانوا يسيرون بالقرب من منجم مهجور يسمى الساحرة ، وأصر ثيو ، مرددًا حجة والده ، على أن يعود فينسنت إلى إيتن ويختار تجارة لنفسه هناك. (لقد ألقى توبيخًا قاسيًا إلى حد ما على أخيه الأكبر ، حيث كان يتطلع إلى أن يكون "تابعًا"). تذكر ثيو للأسف الأوقات التي ساروا فيها بهذه الطريقة معًا بالقرب من القناة القديمة في Rijswijk. قال ثيو: "ثم حكمنا على الشيء نفسه بخصوص أشياء كثيرة ، لكنك تغيرت منذ ذلك الحين ، لم تعد كما هي". مثل بيترسن ، نصح فينسنت بتولي الرسم. ومع ذلك ، كان الواعظ الأخير لا يزال على قيد الحياة في فنسنت ، وقد هز كتفيه منزعجًا. وهو الآن وحيد ، هذه المرة وحيدًا تمامًا ، ولا يوجد مخرج من الصحراء الرهيبة التي تحولت إليها حياته. عبثًا يبحث عن واحة حيث يمكنه أن ينعش نفسه بماء بارد. يسود الظلام الدامس في كل مكان ، ولا أمل في بزوغ فجر قريب ، لا! إنه منفصل تمامًا عن العالم ، إنه وحيد ، حتى أنه توقف عن الكتابة إلى أخيه ، صديقه الدائم. في أرض الفحم ، حيث تجلب سماء الشتاء القاتمة الكآبة ، يدور فينسنت حول السهل ، يقاوم الأفكار الثقيلة ، يندفع ذهابًا وإيابًا مثل وحش مطارد. ليس لديه سكن ، إنه ينام حيث يستطيع. ملكيته الوحيدة هي مجلد به رسومات ، يعيد ملئه بالرسومات. من حين لآخر ، يتمكن من الحصول على شريحة خبز أو القليل من البطاطس مقابل نوع من الرسم. يعيش على الصدقات ، ويحدث أنه لا يأكل شيئًا طوال الأيام. جائعًا ، باردًا ، يتجول في أرض الفحم ، يرسم ، يقرأ ، يدرس بعناد الناس والأشياء والكتب بحثًا عن الحقيقة التي يمكن أن تمنحه القيامة والحرية ، لكنه يدير وجهه بعناد بعيدًا عنه.

دعه يغرق في الفقر - إنه يقبل هذا أيضًا. إنه يعلم أنه لا يمكن لأحد أن ينقذه. هو نفسه يجب أن يحارب "القدر في روحه" وأن يتغلب على هذا المصير ، الذي يقوده من طريق مسدود إلى آخر ، ويخفي عنه سره وقوته بمكر وحشي. هو نفسه لا يميل بأي حال من الأحوال إلى اعتبار نفسه "شخصًا خطيرًا ولا يصلح من أجل لا شيء". يخبر نفسه أنه مثل طائر محبوس في قفص ، والذي يدق على قضبان الشبكة في الربيع ، ويشعر أنه يجب أن يفعل شيئًا ، لكنه غير قادر على إدراك ما هو بالضبط. "بعد كل شيء ، هناك قفص في كل مكان ، ويصاب الطائر بالجنون من الألم." لذلك يشعر فينسنت برائحة الحقيقة في روحه. شيء ينبض في صدره. لكن ما هذا؟ أي نوع من الأشخاص هو؟ "هناك شيء في روحي ، لكن ماذا؟" هذا أنين بين الحين والآخر يعلن حقول بورينج ، التي دمرتها الرياح الجليدية.

كان شتاء هذا العام قاسياً بشكل غير عادي. الثلج والجليد في كل مكان. "ما الذي أبحث عنه؟" - المتجول يسأل نفسه. إنه لا يعرف هذا ، ومع ذلك يحاول الإجابة بسذاجة. "أود أن أصبح أفضل بكثير" ، كما يقول ، غير قادر على قياس التعقيد الكامل لطبيعته ، واحتضان بالكامل ، في صعودها المذهل ، الدوافع الداخلية غير المعروفة له ، والتي يحاول عبثًا إرضائها ، هذا التوق إلى الكمال ، صوفي متعطش للذوبان فيه ، غير متناسب مع تطلعات الإنسان العادي. إنه يشعر ببساطة بالقوى المحتدمة بداخله والتي اختارته كأداة عمياء. إنهم يحكمون حياته ، لكن لا يُمنح له التعرف عليهم ، وهو يتجول عشوائيًا ، في الضباب ، ضائعًا ، يبحث عبثًا عن طريقه. يقارن نفسه بطائر في قفص ، يسأل بشوق في قلبه ما يمنعه من العيش مثل كل الناس. ببراءة نادرة ، يتخيل أنه هو نفسه مثل جميع الأشخاص الآخرين ، وأن لديه نفس الاحتياجات والرغبات مثلهم. إنه لا يرى ما هو مختلف عنهم بشكل لا يمكن إصلاحه ، وبغض النظر عن مدى تفكيره في ماضيه ، فهو غير قادر على إدراك سبب إخفاقاته المستمرة. الرغبة في شغل منصب معين في المجتمع ، الاهتمامات الدنيوية المعتادة - كل هذا غريب عنه تمامًا! هذا المتشرد الجائع ، والركبة العميقة في الثلج ، الذي شاهده الناس بشفقة ، استدار إلى أعالي الروح بحثًا عن إجابة لأسئلته المزعجة. بهذه الطريقة فقط يمكنه التنفس والعيش. ومع ذلك ، يقترب أحيانًا من فهم جوهر الخلاف. "أحد الأسباب التي تجعلني الآن بلا مكان ، ولماذا كنت بلا مكان لسنوات ، هو ببساطة أن لدي وجهات نظر مختلفة عن هؤلاء السادة الذين يمنحون كل الأماكن لأولئك الذين يشاركونهم طريقة تفكيرهم. لا يتعلق الأمر بملابسي فقط ، كما قيل لي بتوبيخ منافق ، فالمسألة هنا أكثر جدية. يتذكر فينسنت بسخط نزاعاته الأخيرة مع سلطات الكنيسة الرسمية. إنه ليس المسؤول ، فهو مقتنع بهذا. لكن "الأمر هو نفسه مع دعاة الإنجيل والفنانين. ولديها مدرستها الأكاديمية القديمة ، وأحيانًا تكون مستبدة بشكل مثير للاشمئزاز ، قادرة على إغراق أي شخص في اليأس ". إلههم؟ إنها "فزاعة"! لكن يكفي عن ذلك. مهما يحدث!

دائمًا ما يكون فينسنت على الطريق ، ويظهر الآن في بعض الأحيان عند واحد أو آخر من معارفه في بورينج. في كل مرة يسافر من تورناي أو بروكسل ، أو حتى من قرية في شرق فلاندرز. يقبل بصمت العلاج الذي يقدم له. عندما لا يعاملونه بأي شيء ، يلتقط قشرة خبز أو بطاطس مجمدة في القمامة. أثناء تناول الطعام ، كان يقرأ شكسبير أو هوغو أو ديكنز أو كوخ العم توم. أحيانًا يرسم بملف على حجره. في إحدى الرسائل التي أرسلها إلى شقيقه ، كتب فينسينت: "لا أعرف تعريفاً أفضل" للفن "من هذا:" الفن هو شخص بالإضافة إلى "الطبيعة" ، أي الطبيعة ، والواقع ، والحقيقة ، ولكن مع المعنى ، بالمعنى والشخصية التي يبرزها الفنان ويعبر عنها ، يفتح ويطلق ويوضح. صورة Mauve أو Maris أو Israelels تتحدث بوضوح أكثر وأكثر من الطبيعة نفسها ". الطبيعة هي الفوضى والتنوع السخي. إنه يحتوي على إجابات لجميع الأسئلة ، ولكن هذه الإجابات مليئة بالتحفظات ومربكة للغاية بحيث لا يستطيع أحد الإجابة عليها. يتمثل عمل الفنان في تسليط الضوء في هذه الفوضى على المبدأ الأساسي الذي ينمو على أساسه: محاولة العثور على معنى العالم ، وتمزيق حجاب العبث الخيالي عن هذا العالم. الفن هو السعي وراء الغموض اللامتناهي والسحر. تنتمي خدمة الفن ، تمامًا مثل خدمة الدين ، إلى عالم الميتافيزيقيا. هذا ما اعتقده فينسينت فان جوخ. بالنسبة له ، يمكن للفن أن يكون إحدى الطرق فقط ، ووسيلة لفهم ما لا يمكن فهمه ، وطريقة للوجود ، طالما أنه لا يمكن اختزاله في الحفاظ على الحياة المادية. العيش يعني الاقتراب من الله والمحبة اليائسة ، التي هي أشد فخر يائسًا ، لانتزاع أسراره منه ، وسرقة قوته ، وبعبارة أخرى ، المعرفة.

هذا ما اعتقده فينسينت فان جوخ. لقول الحقيقة ، لم يكن فينسينت سببًا. وإذا قاد خلافات لا نهاية لها مع نفسه ، فعندئذ في كل مرة يتم إلقاءها في شكل عواطف. كان يدرك فقط أن العاطفة تدفعه إلى الأمام بثبات. كان منجذبًا إلى الرسم بسبب حاجة ملحة ، لا تقاوم مثل تلك التي جعلته يحب الناس ، ويكرز بالإنجيل ، ويتحمل جميع أنواع الحرمان المادي والاجتماعي. كان سيرتجف من الاستياء إذا أخبره أحدهم أن الفن يمكن أن يكون حرفة مثل أي شيء آخر. الهدف من أي حرفة هو الهدف الأكثر إثارة للشفقة - لكسب لقمة العيش. هل هذا ما نتحدث عنه! بالرسم ، حاول فينسنت أن يعرف جوهر ألمه ، ألم البشرية جمعاء ، ليكشف عن مظهره ، لينقل غباء الليل الجليدي الذي تكافح فيه روحه القلقة ، مشتاقًا إلى الفداء. في الرسومات التي رسمها فينسنت على عجل بالقرب من المناجم ، يوجد هذا الألم بجوار أكوام الخبث. نظر حوله في الأفق ، مليئة بظلال المصاعد والهياكل العلوية ، على غرار الشخصيات البشرية المنحنى في حزن ، كرر باستمرار نفس السؤال المزعج: "إلى متى يا رب؟ حقا لفترة طويلة ، إلى الأبد ، إلى الأبد؟

كل من يقابل فينسنت يصيبه حزنه "حزن مخيف". تقول ابنة عامل المنجم تشارلز ديكروك من كام ، كم مرة ، "استيقظت في الليل لأسمعه يبكي ويئن في العلية التي كان يشغلها". لم يكن لدى فينسنت حتى قميصًا لحمايته من البرد ، والذي كان شرسًا بشكل خاص في ذلك الشتاء اللعين ، لكنه بالكاد لاحظ الصقيع. أحرق الصقيع الجلد مثل النار. وفنسنت هو كل النار. نار الحب والايمان.

"ما زلت أعتقد أن أفضل طريقة لمعرفة الله هي أن تحب الكثير. أحب صديقًا ، شخصًا ما ، هذا الشيء أو ذاك ، لا يهم - ستكون على الطريق الصحيح وستحصل على المعرفة من هذا الحب ، - قال لنفسه. - ولكن يجب على المرء أن يحب مع التفاني الداخلي الحقيقي والعميق والتصميم والذكاء ، ويحاول دائمًا أن يعرف موضوع الحب بشكل أفضل وأعمق وأكثر شمولاً. هذا هو الطريق إلى الله - إلى الإيمان الذي لا يتزعزع. لكن فينسنت لم يعد يعرّف هذا الإله والإيمان بالإله والإيمان المعلنين في الكنائس ؛ ومثله الأعلى كل يوم يبتعد أكثر فأكثر عن المثل الأعلى للكنيسة. أزاح المجتمع الإنجيلي فينسنت من منصب الواعظ ، ولكن بطريقة أو بأخرى ، كان عليه حتما أن يكسر الإطار الذي يكتم ، ويشل ، ويبتذِل التطلعات العميقة لأي شخص ، ورغبته في معرفة السر المجهول للـ العالمية. لم يستطع Vincent البقاء في ذلك القفص. دع حماسته الدينية تتلاشى ، ولكن إيمانه لا يفنى - لهيبه وحبه ، الذي لن يضعف منه شيء. هذا ، على أي حال ، يدرك فينسنت: "في عدم إيماني ، بقيت مؤمنًا ، وبعد أن تغيرت ، بقيت كما هي." إيمانه غير قابل للفساد - أي عذابه ، وأن إيمانه لا يجد تطبيقًا لنفسه. "ما الذي يمكنني أن أكون مفيدًا فيه ، ألا يمكنني أن أكون مفيدًا بطريقة ما؟" - يسأل نفسه ، وهو محرج ومربك ، يواصل حديثه: "آخر يحمل لهبًا ساطعًا في روحه ، لكن لا أحد يأتي لتدفئة نفسه بالقرب منه ، يلاحظ المارة فقط دخانًا صغيرًا يخرج من المدخنة ، ويذهب طريقتهم الخاصة. إذن ماذا تفعل الآن: حافظ على هذه النار من الداخل ، واحتفظ بملح الكون في نفسك ، بصبر وفي نفس الوقت تطلع إلى الساعة التي يريد فيها شخص ما أن يأتي ويجلس بجانب نيرانك ومن يدري؟ "ربما سيبقى معك؟"

اعترف فينسنت ذات مرة ، "بشكل غير إرادي تقريبًا" ، "لم أستطع تحديد السبب بالضبط" ، فكر فينسنت: "يجب أن أرى الساعي". أقنع فينسنت نفسه أنه في كوريير ، وهي بلدة صغيرة في مقاطعة با دو كاليه ، يمكنه العثور على بعض الأعمال. ومع ذلك ، لم يذهب إلى هناك من أجل ذلك. يعترف: "بعيدًا عن الوطن ، عن أماكن معينة ، هناك شوق لهذه الأماكن ، لأن هذه الأراضي هي مسقط رأس اللوحات". الحقيقة هي أن Jules Breton ، رسام المناظر الطبيعية المبتذلة ، عضو في الأكاديمية الفرنسية ، عاش في Courier. لقد رسم مشاهد من حياة الفلاحين ، وأثارت إعجاب فنسنت ، ضللتها مؤامرات هذه اللوحات. في كلمة واحدة ، اجتمع فينسنت في الرسالة. في البداية سافر بالقطار ، لكن لم يبق في جيبه سوى عشرة فرنكات ، وسرعان ما اضطر لمواصلة رحلته سيرًا على الأقدام. مشى لمدة أسبوع كامل "بصعوبة في تحريك رجليه". أخيرًا وصل إلى الساعي وسرعان ما توقف في ورشة السيد جول بريتون.

لم يذهب فينسنت أبعد من ذلك. حتى أنه لم يقرع باب هذا "المنزل الجديد تمامًا والمنتظم من الطوب" ، الذي صُدم بشكل غير سار "بمظهره القاسي والبارد وغير الودود". أدرك على الفور أنه لن يجد هنا ما كان يبحث عنه. "آثار الفنان لا يمكن رؤيتها في أي مكان". محبطًا ، تجول في جميع أنحاء المدينة ، ودخل مقهى يحمل الاسم الطنان لمقهى الفنون الجميلة ، والذي تم بناؤه أيضًا من الطوب الجديد ، "غير ودي ، مخيف وممل". على الجدران كانت اللوحات الجدارية تصور حلقات من حياة دون كيشوت. "القليل من العزاء ،" تذمر فينسنت ، "بالإضافة إلى أن اللوحات الجدارية متواضعة للغاية." ومع ذلك ، قام فينسنت بالعديد من الاكتشافات في الرسالة. في الكنيسة القديمة ، رأى نسخة من لوحة لتيتيان ، وعلى الرغم من الإضاءة الضئيلة ، فقد صدمته بـ "عمق النغمة". باهتمام خاص ودهشة ، درس الطبيعة الفرنسية ، "المداخن ، الأراضي الصالحة للزراعة البنية أو الشبق الملون تقريبًا ، مع وجود بقع بيضاء حيث يظهر المارل ، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لنا ، معتادون على التربة السوداء". هذه الأرض الساطعة ، التي تتلألأ السماء فوقها "شفافة ، مشرقة ، ليست مثل سماء بوريناج الدخانية والضبابية" ، هي بالنسبة له كمصباح في الظلام. وصل إلى الحد الأخير من الفقر واليأس ، ولم يستطع فعل أي شيء آخر ، بل توقف عن الرسم. والآن بدأ اليأس الذي حُكم عليه بالخمول المؤلم ينحسر أمام هذا النور الذي جلب له الخير والدفء والأمل.

عاد فينسنت. نفد المال ، واستبدل الرسومات التي أخذها معه بقطعة خبز ، أمضى الليل في الحقل ، جالسًا في كومة قش أو على كومة من الحطب. كان يضايقه المطر والرياح والبرد. بمجرد أن أمضى فينسنت الليل في عربة مهجورة ، "ملجأ سيئ إلى حد ما" ، وفي صباح اليوم التالي ، عندما خرج منها ، رأى أنها كانت "بيضاء بالكامل من الصقيع".

ومع ذلك ، فإن مشهد السماء الفرنسية المشرقة أحيا الأمل في قلب متجول يرثى له بأرجل جريحة ، يمشي بثبات إلى الأمام. عادت الطاقة إليه. بعد أن تأمل حياته على الطريق وأحداثها وترابطها ، قال في نفسه: "سأقوم من جديد". مات الواعظ فيه إلى الأبد. ذهبت حياته كلها. كان يحلم بسعادة بلا فن مع الساحرة أورسولا ، لكن ضحكها دمر هذا الحلم. بعد أن فقد السعادة التي يمنحها الكثير من الناس للتجربة ، أراد على الأقل أن يكون معهم ، مستمتعًا بدفئهم البشري. ومرة أخرى تم رفضه. من الآن فصاعدا ، هو في شبق. ليس لديه ما يخسره أكثر من حياته. نصحه ثيو مرات عديدة بتولي الرسم. أجاب بشكل ثابت ، "لا" ، ربما خائفًا من القوة الخارقة التي كان يشعر بها دائمًا بداخله والتي تم إطلاقها خلال مهمته إلى بورينج. أن تصبح فنانًا يعني الدخول في نزاع فردي ، حيث لا يوجد أحد ينتظر المساعدة ، مع قوى كونية وحشية ، ليصبح عبيدًا إلى الأبد لسر المجهول الرهيب ، ورفض كل ما يحمي الناس الحذرون. أنفسهم من المتاعب. أدرك فينسينت أنه لم يتبق أمامه سوى طريق واحد ، أعلن بشكل غير متوقع: "سأأخذ قلم الرصاص مرة أخرى الذي تركته في أيام اليأس الشديد ، وأبدأ في الرسم مرة أخرى." قرر قبول مصيره. بالطبع ، استقبلها بفرح ، الرفيق الدائم للإنجازات المتأخرة ، ولكن أيضًا مع بعض التخوف ، بقلق غامض. نعم ، بلا شك ، كان فينسنت خائفًا ، وخائفًا دائمًا من تلك العاطفة المسعورة التي غرست في يده ، بمجرد أن تأخذ قلم رصاص. على الرغم من أنه لا يعرف شيئًا تقريبًا عن تقنية اللغة البلاستيكية ، إلا أنه كان بإمكان فينسنت ، مثل العديد من الحرفيين الآخرين ، التباهي والانغماس في الأمل والادعاءات بعيدة المدى. يمكن أن يحلم متعجرفًا بروائعه المستقبلية ، والتشدق بالإلهام والموهبة. لكنه يرفض كل هذا ويبتعد عن الباطل.

نهاية الفترة التجريبية المجانية.

يوجد في هذه الصفحة من الموقع عمل أدبي للمؤلف اسمه بيروشوت هنري. على موقع الويب ، يمكنك إما تنزيل كتاب Life of Remarkable People مجانًا. حياة فان جوخ بتنسيقات RTF و TXT و FB2 و EPUB ، أو اقرأ الكتاب الإلكتروني عبر الإنترنت Henri Perruchot - Lives of Remarkable People -. حياة فان جوخ بدون تسجيل وبدون SMS.

حجم الأرشيف مع كتاب Life of Remarkable People -. حياة فان جوخ = 328.89 كيلوبايت

OCR - الكسندر برودان ( [بريد إلكتروني محمي])
"حياة بيروشوت أ. فان جوخ": التقدم ؛ م ؛ 1973
الأصل: Henri Perruchot ، "La Vie de Van Gog"
ترجمة: س. Tarkhanova ، يوليانا Yakhnina
حاشية. ملاحظة
يفتح كتاب فينسينت فان جوخ حياة الفنان أمام القراء بكل تناقضاتها وتجاربها وشكوكها ؛ بحث صعب غير أناني عن مهنة ، مسار حياة يمكن من خلاله مساعدة المحتاجين والمعاناة بشكل أفضل. كل شيء في الكتاب موثوق وموثق ، لكن هذا لا يمنع من أن يكون قصة مثيرة ، تعيد بشكل واضح صورة الفنان والبيئة التي عاش وعمل فيها.
هنري بيروشوت
حياة فان جوخ
الجزء الأول. شجرة التين برميل
(1853-1880)
أولا: الطفولة الصامتة
يا رب ، كنت على الجانب الآخر من الوجود وفي تفاهتي تمتعت بسلام لا نهاية له ؛ لقد تم إخراجي من هذه الحالة من أجل أن يتم دفعي إلى كرنفال غريب للحياة.
فاليري
هولندا ليست مجرد حقل لا حدود له من زهور التوليب ، كما يعتقد الأجانب في كثير من الأحيان. الزهور ، متعة الحياة المتجسدة فيها ، المتعة الهادئة والملونة ، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا في أذهاننا بالتقاليد مع مناظر لطواحين الهواء والقنوات - كل هذا نموذجي للمناطق الساحلية ، المستصلحة جزئيًا من البحر ويرجع ذلك إلى ازدهارها في الموانئ الكبيرة. هذه المناطق - في الشمال والجنوب - هي هولندا الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك ، يوجد في هولندا تسع مقاطعات أخرى: لكل منها سحرها الخاص. لكن هذا السحر من نوع مختلف - في بعض الأحيان يكون أكثر قسوة: خلف حقول الزنبق ، تنتشر الأراضي الفقيرة والأماكن المقفرة.
من بين هذه المناطق ، ربما تكون أكثر المناطق فقرًا هي تلك التي تسمى شمال برابانت ، والتي تتكون من المروج والغابات المتضخمة بالخلنج ، والتي تمتد على طول الحدود البلجيكية ، والأراضي البور الرملية ، والمستنقعات والمستنقعات ، وهي مقاطعة مفصولة عن ألمانيا فقط بواسطة الشريط الضيق غير المستوي من ليمبورغ الذي يتدفق من خلاله نهر الميز. مدينتها الرئيسية هي 's-Hertogenbosch ، مسقط رأس هيرونيموس بوش ، فنان القرن الخامس عشر المعروف بخياله الغريب. التربة في هذه المقاطعة فقيرة ، مع وجود الكثير من الأراضي غير المزروعة. غالبا ما تمطر هنا. الضباب يتدلى منخفضا. الرطوبة تسود كل شيء وكل شيء. السكان هنا هم في الغالب من الفلاحين أو النساجين. تسمح لهم المروج المليئة بالرطوبة بتطوير تربية الماشية على نطاق واسع. في هذه الأرض المسطحة ذات التلال النادرة ، والأبقار السوداء والبيضاء في المروج وسلسلة من المستنقعات الباهتة ، يمكنك رؤية عربات مع فرق الكلاب على الطرق ، والتي يتم نقلها إلى المدن - بيرغن أوب زوم ، بريدا ، زيفينبيرجين ؛ أيندهوفن - علب حليب نحاسية.
غالبية سكان برابانت من الكاثوليك. اللوثريون لا يشكلون عُشر السكان المحليين. هذا هو السبب في أن الرعايا التي تديرها الكنيسة البروتستانتية هي الأكثر بؤسًا في هذه المنطقة.
في عام 1849 ، تم تعيين القس تيودور فان جوخ البالغ من العمر 27 عامًا في إحدى هذه الأبرشيات - جروت زاندرت ، وهي قرية صغيرة تقع على الحدود البلجيكية تمامًا ، على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترًا من روزندال ، حيث كانت دار الجمارك الهولندية تقع على طول طريق بروكسل-أمستردام. هذا الوصول لا يحسد عليه للغاية. لكن من الصعب على القس الشاب أن يأمل بشيء أفضل: فهو لا يمتلك قدرات رائعة أو بلاغة. إن خطبه الرتيبة للغاية خالية من الهروب ، فهي مجرد تمارين خطابية غير معقدة ، واختلافات مبتذلة في موضوعات مبتذلة. صحيح أنه يأخذ واجباته بجدية وأمانة لكنه يفتقر إلى الإلهام. ولا يمكن القول إنه تميز بإيمان جدي. إيمانه صادق وعميق ، لكن شغفه الحقيقي غريب عنها. بالمناسبة ، القس اللوثري تيودور فان جوخ هو مؤيد للبروتستانتية الليبرالية ، مركزها مدينة جرونينجن.
هذا الرجل غير الملحوظ ، الذي يؤدي واجبات الكاهن بدقة كاتب ، لا يخلو بأي حال من الأحوال من الجدارة. اللطف والهدوء والود والود - كل هذا مكتوب على وجهه ، طفولي قليلاً ، مضاء بنظرة ناعمة بارعة. في Zundert ، يقدر الكاثوليك والبروتستانت بنفس القدر لطفه واستجابته واستعداده المستمر للخدمة. يتمتع بنفس القدر من التصرف الجيد والمظهر الجيد ، إنه حقًا "القس المجيد" (de mooi domine) ، كما يُدعى بسهولة ، مع مسحة خفية من الازدراء من قبل أبناء الرعية.
ومع ذلك ، فإن المظهر العادي للقس تيودور فان جوخ ، الوجود المتواضع الذي أصبح نصيبه ، الحياة النباتية التي حُكم عليه بها بضعف قدرته الخاصة ، يمكن أن يسبب مفاجأة معينة - بعد كل شيء ، ينتمي القس Zundert ، إن لم يكن مشهورة ، إذن ، على أي حال ، لعائلة هولندية معروفة. يمكن أن يكون فخوراً بأصله النبيل ، شعار عائلته - فرع من ثلاث ورود. منذ القرن السادس عشر ، شغل ممثلو عائلة فان جوخ مناصب بارزة. في القرن السابع عشر ، كان أحد آل فان جوخ هو أمين صندوق الاتحاد الهولندي. سافر فان جوخ آخر ، كان أول من شغل منصب القنصل العام في البرازيل ، ثم أمين الصندوق في زيلاند ، إلى إنجلترا في عام 1660 كجزء من السفارة الهولندية لتحية الملك تشارلز الثاني فيما يتعلق بتتويجه. في وقت لاحق ، أصبح بعض من فان جوخ من رجال الكنيسة ، وانجذب البعض الآخر للحرف اليدوية أو تجارة الفن ، والبعض الآخر من خلال الخدمة العسكرية. كقاعدة عامة ، لقد برعوا في المجال الذي اختاروه. والد تيودور فان جوخ رجل مؤثر ، راعي مدينة بريدا الكبيرة ، وحتى قبل ذلك ، وبغض النظر عن الرعية التي كان مسؤولاً عنها ، فقد تم الإشادة به في كل مكان على "خدمته المثالية". وهو من نسل ثلاثة أجيال من مغازل الذهب. والده ، جد تيودور ، الذي اختار في البداية حرفة الغزال ، أصبح فيما بعد قارئًا ، ثم كاهنًا في كنيسة الدير في لاهاي. كان وريثه على يد عمه الأكبر ، الذي خدم في شبابه - توفي في بداية القرن - في الحرس الملكي السويسري في باريس وكان مولعًا بالنحت. أما بالنسبة للجيل الأخير من عائلة فان جوخ - وكان للكاهن بريدا أحد عشر طفلاً ، على الرغم من وفاة طفل واحد في سن الطفولة - فقد يكون المصير الذي لا يحسد عليه هو "القس المجيد" ، باستثناء أخواته الثلاث اللائي بقين في العمر. العذارى. تزوجت شقيقتان أخريان من الجنرالات. نجح شقيقه الأكبر يوهانس في تحقيق مهنة في الإدارة البحرية - نائب الأميرال جالون قاب قوسين أو أدنى. يدير إخوته الثلاثة الآخرون - هندريك وكورنيليوس مارينوس وفينسنت - تجارة فنية كبيرة. استقر كورنيليوس مارينوس في أمستردام ، ويحتفظ فينسنت بمعرض فني في لاهاي ، وهو الأكثر شهرة في المدينة ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشركة الباريسية Goupil ، المعروفة في جميع أنحاء العالم ولها فروع في كل مكان.
فان جوخ ، الذي يعيش في رخاء ، يكاد يصل دائمًا إلى الشيخوخة ، بالإضافة إلى تمتعهم جميعًا بصحة جيدة. يبدو أن كاهن بريدا يتحمل بسهولة عبء السنوات الستين التي قضاها. ومع ذلك ، يختلف القس تيودور بشكل سلبي عن أقاربه في هذا أيضًا. ومن الصعب أن نتخيل أنه سيكون قادرًا على إرضاء شغف السفر الذي يميز أقاربه ، إذا كان ذلك من سماته فقط. سافرت عائلة فان جوخ عن طيب خاطر إلى الخارج ، وحدث أن تزوج بعضهم من أجانب: كانت جدة القس تيودور فلمنكية من مدينة مالين.
في مايو 1851 ، بعد عامين من وصوله إلى جروت سونديرت ، قرر تيودور فان جوخ ، على عتبة عيد ميلاده الثلاثين ، أن يتزوج ، لكنه لم يرَ ضرورة للبحث عن زوجة خارج البلاد. تزوج من امرأة هولندية ولدت في لاهاي ، آنا كورنيليا كاربينثوس. وهي ابنة تجليد كتب في المحكمة ، وهي أيضًا من عائلة محترمة - ومن بين أسلافها أسقف أوتريخت. إحدى شقيقاتها متزوجة من فنسنت ، شقيق القس ثيودور ، الذي يبيع لوحات في لاهاي.
آنا كورنيليا ، التي تكبر زوجها بثلاث سنوات ، لا تشبهه تقريبًا. نعم ، وعائلتها جذور أقل قوة بكثير من زوجها. تعاني إحدى شقيقاتها من نوبات صرع ، مما يشير إلى وراثة عصبية شديدة ، والتي تصيب أيضًا آنا كورنيليا نفسها. وهي بطبيعتها لطيفة ومحبوبة ، وهي عرضة لنوبات غضب مفاجئة. مفعمة بالحيوية والطيبة ، غالبًا ما تكون قاسية ؛ نشطة ، لا تعرف الكلل ، لا تعرف الراحة ، فهي في نفس الوقت عنيدة للغاية. إنها امرأة فضوليّة وقابلة للتأثر ، وذات طابع مضطرب إلى حد ما ، تشعر - وهذه إحدى سماتها الملحوظة - بميل قوي نحو النوع الرسالي. تحب أن تكون صريحة وتكتب خطابات طويلة. "Ik maak wide een woordje klaar" - يمكنك غالبًا سماع هذه الكلمات منها: "دعني أذهب وأكتب بضعة أسطر." في أي لحظة ، قد تشعر فجأة بالرغبة في التقاط القلم.
منزل القس في Zundert ، حيث دخلت آنا كورنيليا البالغة من العمر 32 عامًا كعشيقة ، هو مبنى من طابق واحد من الطوب. واجهته يذهب إلى أحد شوارع القرية - بشكل مستقيم تمامًا ، مثل جميع الشوارع الأخرى. ويواجه الجانب الآخر الحديقة ، حيث تنمو أشجار الفاكهة ، وأشجار التنوب ، والسنط ، وتنمو المينيونيت والليفكوي على طول المسارات. حول القرية حتى الأفق ، ضاع الخطوط العريضة الغامضة في السماء الرمادية ، وتمتد السهول الرملية التي لا نهاية لها. هنا وهناك غابة راتينجية هزيلة ، صحراء قاتمة ممتلئة بالخلنج ، كوخ بسقف مطحلب ، نهر هادئ مع جسر مرمي فوقه ، بستان بلوط ، صفصاف مشذب ، بركة مغطاة بالتموجات. حافة مستنقعات الخث تتنفس السلام. قد تعتقد أحيانًا أن الحياة توقفت هنا تمامًا. ثم فجأة ستمر امرأة في قبعة أو فلاح في قبعة ، وإلا فإن العقعق سوف يصرخ على سنط مقبرة عالية. الحياة هنا لا تثير أي صعوبات ، ولا تثير التساؤلات. تمر الأيام ، متشابهة دائمًا مع بعضها البعض. يبدو أن الحياة منذ الأزل قد وُضعت في إطار العادات والأعراف القديمة ووصايا الله وشرائعه. فليكن رتيبًا ومملًا ، لكنه موثوق. لا شيء سوف يهز هدوءها الميت.
* * *
مرت الأيام. اعتادت آنا كورنيليا على الحياة في Zundert.
كان راتب القس ، حسب منصبه ، متواضعا للغاية ، لكن الزوجين كانا قانعين بالقليل. في بعض الأحيان تمكنوا من مساعدة الآخرين. كانوا يعيشون في وئام جيد ، وغالبًا ما كانوا يزورون المرضى والفقراء معًا. الآن آنا كورنيليا تتوقع طفلًا. إذا ولد ولد ، فسيتم تسميته فينسنت.
وبالفعل ، في 30 مارس 1852 ، أنجبت آنا كورنيليا ولدًا. أطلقوا عليه اسم فنسنت.
فينسينت - مثل جده ، قس في بريدا ، مثل عم لاهاي ، مثل ذلك القريب البعيد الذي خدم في الحرس السويسري في باريس في القرن الثامن عشر. فينسنت تعني وينر. أتمنى أن يكون فخر العائلة وفرحها ، فنسنت فان جوخ!
لكن للأسف! مات الطفل بعد ستة أسابيع.
كانت الأيام مليئة باليأس. في هذه الأرض الباهتة ، لا شيء يصرف الإنسان عن حزنه ، ولا يهدأ لوقت طويل. مر الربيع لكن الجرح لم يلتئم. السعادة بالفعل ، أن الصيف جلب الأمل إلى منزل القس الحزين: حملت آنا كورنيليا مرة أخرى. هل ستلد طفلاً آخر يخفف مظهره ويخفف آلامها الأمومية اليائسة؟ وهل سيكون صبيًا يمكنه أن يحل محل والدي ذلك فينسنت ، اللذين علقوا عليهما الكثير من الآمال؟ سر الولادة غامض.
الخريف الرمادي. ثم الشتاء الصقيع. تشرق الشمس ببطء فوق الأفق. كانون الثاني. شهر فبراير. الشمس أعلى في السماء. أخيرا - مارس. يجب أن يولد الطفل هذا الشهر ، بالضبط بعد عام واحد من ولادة أخيه ... 15 مارس. 20 مارس. يوم الاعتدال الربيعي. الشمس تدخل برج الحمل ، موطنها المفضل ، حسب المنجمين. 25 ، 26 ، 27 مارس ... 28 ، 29 ... 30 مارس 1853 ، بعد عام بالضبط - حتى اليوم - بعد ولادة الصغير فينسنت فان جوخ ، أنجبت آنا كورنيليا بأمان ابنها الثاني. تحقق حلمها.
وهذا الصبي ، في ذكرى الأول ، سوف يُدعى فينسنت! فنسنت ويليم.
وسيُدعى أيضًا: فنسنت فان جوخ.
* * *
تدريجيا امتلأ بيت القسيس بالأطفال. في عام 1855 ، أنجب فان جوخ ابنة ، آنا. في 1 مايو 1857 ، ولد صبي آخر. سمي على اسم والده ثيودور. بعد ثيو الصغير ، ظهرت فتاتان - إليزابيث هوبير وويلهيلمينا - وصبي واحد ، كورنيليوس ، أصغر نسل لهذه العائلة الكبيرة.
ودوى بيت القسيس ضحك الأطفال وبكاء ونقيق. كان على القس أكثر من مرة أن يدعو إلى النظام ، ويطلب الصمت من أجل التفكير في العظة التالية ، والتفكير في أفضل السبل لتفسير هذا المقطع أو ذاك من العهد القديم أو الجديد. وساد الصمت في المنزل المنخفض ، ولم يقطعه سوى الهمس الخانق من حين لآخر. الزخرفة البسيطة والضعيفة للمنزل ، كما في السابق ، كانت صارمة ، وكأنها تذكر باستمرار بوجود الله. لكن ، على الرغم من الفقر ، كان حقًا منزلًا ساكنًا. مع كل مظهره ، ألهم فكرة الاستقرار ، وقوة الأعراف السائدة ، وحرمة النظام القائم ، علاوة على ذلك ، نظام هولندي بحت ، عقلاني وواضح ودنيوي ، يشهد بنفس القدر على بعض صلابة ورصانة الحياة وضع.
من بين أطفال القس الستة ، واحد فقط لم يكن بحاجة إلى إسكاته - فنسنت. قليل الكلام وكئيب ، نبذ إخوته وأخواته ، ولم يشارك في ألعابهم. تجول فينسنت بمفرده ، ينظر إلى النباتات والزهور ؛ في بعض الأحيان ، وهو يراقب حياة الحشرات ، يمتد على العشب بالقرب من النهر ، بحثًا عن الجداول أو أعشاش الطيور ، ونهب الغابات. حصل لنفسه على معشبة وعلب من الصفيح احتفظ فيها بمجموعات من الحشرات. كان يعرف كل الأسماء - وأحيانًا الأسماء اللاتينية - لجميع الحشرات. تواصل فينسنت عن طيب خاطر مع الفلاحين والنساجين ، وسألهم كيف يعمل النول. لفترة طويلة كنت أشاهد النساء يغسلن الملابس على النهر. حتى الانغماس في الملاهي الطفولية ، اختار هنا الألعاب التي يمكنك التقاعد فيها. كان يحب نسج الخيوط الصوفية ، معجبًا بمزيج الألوان الزاهية وتباينها. كما أحب الرسم. ثماني سنوات ، أحضر فينسنت لوالدته رسمًا - صور عليها قطة صغيرة تتسلق شجرة تفاح في الحديقة. في نفس السنوات تقريبًا ، وقع بطريقة ما في مهنة جديدة - كان يحاول تشكيل فيل من طين الفخار. ولكن بمجرد أن لاحظ أنه كان مراقبًا ، قام على الفور بتسوية الشكل المصبوب. فقط مع مثل هذه الألعاب الصامتة كان الطفل الصغير يسلي نفسه. زار أكثر من مرة جدران المقبرة ، حيث دُفن شقيقه الأكبر فنسنت فان جوخ ، الذي كان يعرفه من والديه ، وهو الشخص الذي تم تسميته باسمه.
سيكون من دواعي سرور الإخوة والأخوات مرافقة فينسنت في مسيرته. لكنهم لم يجرؤوا على أن يطلبوا منه مثل هذه الخدمة. كانوا خائفين من شقيقهم المنفصل ، الذي يبدو ، بالمقارنة معهم ، رجلًا قويًا. من شخصه القرفصاء ، العظمي ، المحرج قليلاً ينضح بقوة جامحة. كان يخمن فيه شيئًا مزعجًا يؤثر على المظهر بالفعل. كان هناك بعض عدم التناسق في وجهه. أخفى الشعر الأشقر المحمر عدم استواء الجمجمة. الجبهة المنحدرة. حواجب كثيفة. وفي الشقوق الضيقة للعيون ، أحيانًا زرقاء ، وأحيانًا خضراء ، مع نظرة قاتمة حزينة ، اشتعلت نار قاتمة من وقت لآخر.
بالطبع ، بدا فينسنت مثل والدته أكثر من والده. أظهر مثلها عنادًا وعنادًا ، ووصل إلى العناد. لا هوادة فيه ، غير مطيع ، ذو طابع صعب ومتناقض ، اتبع نزواته الخاصة حصريًا. ما الذي كان يناضل من أجله؟ لم يكن أحد يعرف هذا ، وبالتأكيد أقله هو نفسه. كان مضطربًا ، مثل البركان ، يعلن نفسه أحيانًا بصوت خافت. كان من المستحيل الشك في أنه يحب عائلته ، لكن أي تافه ، أي تافه ، يمكن أن يسبب له نوبة من الغضب. أحبه الجميع. مدللين. اغفر له غريبة غريبة. علاوة على ذلك ، كان أول من تاب منهم. لكنه لم يكن لديه أي سيطرة على نفسه ، على هذه الدوافع التي لا تقهر التي طغت عليه فجأة. الأم ، إما من الحنان الزائد ، أو التعرف على نفسها في ابنها ، كانت تميل إلى تبرير مزاجه. في بعض الأحيان جاءت الجدة إلى Zundert - زوجة القس المولود. بمجرد أن أصبحت شاهدة على أحد تصرفات فينسنت الغريبة. دون أن تنبس ببنت شفة ، أمسكت بيد حفيدها ، وبعد أن عاملته بأصفاد ، أخرجته من الباب. لكن زوجة الابن اعتبرت أن الجدة الهذيان تجاوزت حقوقها. طوال اليوم لم تفتح شفتيها ، وأمر "القس المجيد" ، متمنياً أن ينسى الجميع الحادث ، بوضع بريتسكا صغيرة ودعت النساء للركوب على طول ممرات الغابة ، التي تحدها هيذر المزهرة. ساهمت نزهة مسائية عبر الغابة في المصالحة - فقد بددت روعة غروب الشمس استياء الشابة.
ومع ذلك ، فإن التصرف المثير للجدل لشاب فينسنت يتجلى ليس فقط في منزل الوالدين. عند دخوله مدرسة جماعية ، تعلم أولاً من أطفال الفلاحين ، وأبناء النساجين المحليين ، جميع أنواع اللعنات وسكبها بتهور ، بمجرد أن فقد أعصابه. لعدم رغبته في الخضوع لأي نظام ، أظهر مثل هذا السلوك الجامح وتصرف مع زملائه الطلاب بتحد لدرجة أن القس اضطر إلى إخراجه من المدرسة.
ومع ذلك ، تكمن براعم خفية وخجولة من الحنان والحساسية الودية في روح الصبي القاتم. بأي اجتهاد ، بأي حب ، رسم المتوحش الصغير الزهور ثم أعطى الرسومات لأصدقائه. نعم ، رسم. لقد رسمت كثيرا. الحيوانات. المناظر الطبيعية. إليكم رسمتان من رسوماته ، يعود تاريخهما إلى عام 1862 (كان عمره تسع سنوات): أحدهما يصور كلبًا والآخر يُظهر جسرًا. كما أنه قرأ الكتب ، قرأ بلا كلل ، دون تمييز ، يلتهم كل ما يراه عينيه.
وبصورة غير متوقعة ، أصبح مرتبطًا بشغف بأخيه ثيو ، الذي يصغره بأربع سنوات ، والذي أصبح رفيقه الدائم في المشي حول حي زاندرت في ساعات الفراغ النادرة التي تركتها لهم المربية ، والتي دعاها القس مؤخرًا لتربية الأطفال. . في هذه الأثناء ، لا يتشابه الأخوان على الإطلاق ، باستثناء أن كلاهما لهما نفس الشعر الأشقر والأحمر. من الواضح بالفعل أن ثيو ذهب إلى والده ، ورث تصرفه الوديع ومظهره الجميل. الهدوء ، الرقة ، نعومة ملامح الوجه ، هشاشة الإضافة ، هو تناقض غريب مع أخيه القوي الرجل الزاوي. في هذه الأثناء ، في العار الكئيب للأراضي والسهول ، كشف له شقيقه ألف سر. علمه أن يرى. شاهد الحشرات والأسماك والأشجار والعشب. زندرت نعسان. السهل اللامحدود كله مقيد بالنوم. ولكن بمجرد أن يتحدث "فينسنت" ، تعود الحياة إلى كل شيء ، وتنكشف روح الأشياء. سهل الصحراء مليء بالحياة السرية والاستبدادية. يبدو أن الطبيعة قد توقفت عن العمل ، ولكن يتم العمل فيها باستمرار ، ويتجدد شيء ما باستمرار وينضج.

سيكون رائعا إذا كان الكتاب حياة رائعين -. حياة فان جوخمؤلف بيروشوت هنريسيعجبك!
إذا كان الأمر كذلك ، فهل تنصح بهذا الكتاب؟ حياة رائعين -. حياة فان جوخلأصدقائك عن طريق وضع ارتباط تشعبي لصفحة هذا العمل: Henri Perrucho - The Life of Remarkable People -. حياة فان جوخ.
الكلمات الأساسية للصفحة: حياة رائعين -. حياة فان جوخ. Perrucho Henri ، تنزيل ، مجاني ، قراءة ، كتاب ، إلكتروني ، عبر الإنترنت

هنري بيروشوت حياة فان جوخ

* * *

الجزء الأول. شجرة التين القاحلة (1853-1880)

أولا الطفولة الصامتة

* * *

* * *

* * *

حول حياة فان جوخ هنري بيروشوت

اختيار المحرر

هنري بيروشوت
حياة فان جوخ